للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورأى آخرون (١) منهم ابن العربي أنهم يشتركون مع الإخوة لأم في الثلث، فقال: (قوله: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} اتفق العلماء على أن التشريك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى؛ لأن مطلق اللفظ يدل عليه، كما أن الآية التي في سورة النساء في آخرها ما يقتضي التعصيب; ولذلك قلنا في مسألة الزوج، والأم، والأخ من الأم، والإخوة من الأب والأم: إن للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ للأم السدس، وللإخوة للأب والأم السدس بحكم التعصيب) (٢).

ولكل قول وجهه.

فأما القول بالتشريك فبيَّن وجهه الشافعي بقوله: قلنا في المشتركة: زوج، وأم، وأخوين لأم، وأخوين لأب وأم: للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين للأم الثلث، ويشركهم بنو الأب والأم; لأن الأب لما سقط حكمه صاروا بني أم معا، … وجدنا بني الأب والأم قد يكونون مع بني الأم فيكون للواحد منهم الثلثان وللجماعة من بني الأم الثلث، ووجدنا بني الأب والأم قد يشركهم أهل الفرائض فيأخذون أقل مما يأخذ بنو الأم، فلما وجدناهم مرة يأخذون أكثر مما يأخذون، ومرة أقل مما يأخذون فرقنا بين حكميهم، فورثنا كلا على حكمه؛ لأنا وإن جمعتهم الأم لم نعطهم دون الأب، وإن أعطيناهم بالأب مع الأم فرقنا بين حكميهم، فقلنا: إنا إنما أشركناهم مع بني الأم؛ لأن الأم جمعتهم وسقط حكم الأب، فإذا سقط حكم الأب كان كأن لم يكن، ولو صار للأب موضع يكون له فيه حكم استعملناه قل نصيبهم أو كثر، قال: فهل تجد مثل ما وصفت من أن يكون الرجل مستعملا في حال ثم تأتي حال لا يكون مستعملا فيها؟ … قلت: نعم، الأب يموت ابنه وللابن إخوة فلا يرثون مع الأب، فإذا كان الأب قاتلا ورثوا ولم يورث الأب من قبل أن حكم الأب قد زال، وما زال حكمه كان كمن لم يكن، فلم نمنعهم الميراث به، إذا صار لا حكم له كما منعناهم به إذا كان له حكم (٣).


(١) قال ابن كثير: وقد وقعت هذه المسألة في زمان أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، فأعطى الزوج النصف، والأم السدس، وجعل الثلث لأولاد الأم، فقال له أولاد الأبوين: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا ألسنا من أم واحدة! فشرَّك بينهم. وصح التشريك عن عثمان -رضي الله عنه-، وهو إحدى الروايتين عن ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس -رضي الله عنهم-، وبه يقول سعيد بن المسيب، وشريح القاضي، ومسروق، وطاووس، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وشريك، وهو مذهب مالك والشافعي. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ٣/ ص ٢٤، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ٢/ ص ٩٦، ٩٧، والمغني ج ٦/ ص ١٧٢، و تفسير القرآن العظيم ج ٣/ ص ٣٢.
(٢) أحكام القرآن ج ١/ ص ٣٧٥.
(٣) انظر: الأم ج ٤/ ص ٨٨.

<<  <   >  >>