للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سعيد بن سليمان قَالَ: كنت بمكة في زقاق الشطوى وإلى جنبي عبد الله بن عبد العزيز العمري وقد حج هارون الرشيد.

فَقَالَ له إنسان: يا أبا عبد الرحمن هو ذا أمير المؤمنين يسعى قد أخلى له المسعى. قَالَ العمري للرجل: لا جزاك الله عني خيراً، كلفتني أمراً كنت عنه غنياً. ثم تعلق نعليه (أي لبسهما) .

وقام فتبعته وأقبل هارون الرشيد من المروة يريد الصفا فصاح به: يا هارون! فلما نظر إليه قَالَ: لبيك يا عم. قَالَ ارق الصفا: فلما رقيه.

قَالَ: ارم بطرفك إلى البيت. قَالَ: قد فعلت. قَالَ: كم هم؟ قَالَ: ومن يحصيهم؟ قَالَ: فكم في الناس مثلهم؟ قَالَ: خلق لا يحصيهم إلا الله.

قَالَ: اعلم أيها الرجل أن كل واحد منهم يسأل عن خاصة نفسه وأنت وحدك تسأل عنهم كلهم فانظر كيف تكون؟ قَالَ: فبكى هارون وجلس وجعلوا يعطونه منديلاً منديلاً للدموع.

قَالَ العمري: وأخرى أقولها. قَالَ: قل يا عم. قَالَ والله إن الرجل ليسرف في ماله فيسحق الحجر عليه، فكيف بمن يسرف في مال المسلمين؟ ثم مضى وهارون يبكي» .

قَالَ مُحَمَّد بن خلف: سمعت مُحَمَّد بن عبد الرحمن يقول: بلغني أن هارون قَالَ: إني لأحب أن أحج كل سنة ما يمنعني إلا رجل من ولد عمر ثم يسمعني ما أكره.

وقد روى لنا من طريق آخر أنه لقيه في المسعى فأخذ بلجام دابته فأهوت إليه الأجناد فكفهم عنه الرشيد فكلمه فإذا دموع الرشيد تسيل على معرفة دابته.

<<  <  ج: ص:  >  >>