والميتينَ بِرَحْمَتِك يا أرْحَمَ الراحَمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
(فَصْلٌ)
وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ المُرْوَزِيّ قَالَ أُخْبِرتُ أَنَّ عُمَرَ بنَ عبد العزيز رضيَ اللهُ عَنْهُ لما دُفِنَ سُليمانُ بن عبدِ الملك وَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ سُمِعَ للأَرْضِ هَدَّةٌ أو رَجَّةٌ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَقِيْلَ هَذِهِ مَرَاكِبُ الخِلافَةِ قُرِّبتْ إِلَيْكَ لِتَرْكَبَهَا فَقَالَ: مَا لِيْ وَلَهَا أَبْعِدُوْهَا عَنِّيْ وَقَرِّبُوا لِيْ دَابَّتِيْ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهِ فَرَكِبَهَا فجَاءَ صَاحِبُ الشُرْطَةِ يَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ بالحَرْبةِ جَرْياً عَلى عَادَةِ الخُلَفَاءِ قَبْلَهُ.
فَقَالَ تَنَحَّ عَنِّيْ مَا لِيْ وَلَكَ إنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِن المُسلمينَ ثُم سَارَ مُخْتَلَطاً بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ وَصَعَدَ المِنْبَرَ وَاجْتَمَعَ النّاسُ إِلَيْهِ فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ النَّبيَّ صَلى الله عليه وسلم ثمّ قالَ أيُّها النَّاسُ إِنَّمَا بُلِيْتُ بِهَذَا الأمْرِ مِنْ غَيْرِ رَأْىٍ مِنِّيْ وَلا طِلْبَةٍ وَلا مَشُوْرَةٍ وَإنِّيْ قَدْ خَلَعْتُ مَا فِي أَعْنَاقِكُمْ مِنْ بَيْعَةٍ فَاخْتَارُوا لِأنْفُسِكُمْ غَيْرِيْ فَصَاحَ المُسلِمُونَ صَيْحَةً وَاحِدَةً قَد اخْتَرْنَاكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنينَ وَرَضَيْنَاكَ فَلِي أمْرَنَا بِاليُمْنِ وَالبَرَكَةِ.
فَلَمَّا سَكَتُوا حَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى على النَّبِيّ ? ثُمَّ قَالَ أُوْصِيْكُم بِتَقْوَى اللهِ فَإنّ تَقْوَى اللهِ خَلَفٌ مِنْ كُلِّ شىءٍ وليسَ من تقوى الله خلفٌ وَأَصْلِحُوا سَرَائِرَكُم يُصْلِح عَلانِيَتَكًُم وَأَكْثِرُوْا ذِكْرَ هَاذِمِ اللذّاتِ المَوْتَ وَأَحْسِنُوا لَهُ الاسْتِعْدَادَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ.
وَإنَّ مَنْ لا يَذْكُرُ منْ آبَائِهِ الذِيْنَ لَيْسَ بَيْنَهُم وبينَ آدَمَ أباً حَيًّا لمعُرقٌ في المَوْتِ وَإنّ هَذِه الأُمّةِ لمْ تَخْتَلِفْ في رَبِّهَا وَلاَ فِي نَبيِّهَا وَلا في كِتَابِهَا إِنَّمَا اخْتَلفُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute