موعظة
عِبَادَ اللهَ لَقْدَ أَصْبَحَ النَّاسُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا أَهَمُّ عِنْدَهُمْ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعُونَ، فِي لَيْلِهْمْ وَنَهَارِهم مَشْغُولِينَ شُغْلَ العَاشِقِينَ المُسْتَغْرِقِينَ كَأَنَّهُمْ مَا خُلِقُوا إِلا لَهَا، وَأَمَّا الدِّينُ فَلا يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِم وَإِنْ خَطَرَ فَطيفٌ يَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، أَثَّرَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي هَذَا الإِنْهِمَاكِ العَظِيمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ بَلَغَ فِي تَهْوِينِ الدِّينِ عِنْدَهُمْ الغَايَةَ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّكَ تَرَى الشَّخْصَ يَرْتَدُّ عَنِ الدِّينِ فَلا يُسْأَلُ وَلا يُنَاقَشُ، وَلِذَلِكَ نْزِعَتْ البَرَكَةُ مِنْ أَعْمَارِنَا وَأَعْمَالِنَا وَأَمْوَالِنَا وَأَوْلادِنَا، وَأَصْبَحْنَا وَقَدْ ضَرَبَ الذُّلُّ عَلَيْنَا سُرَادِقَةُ وَنَحْنُ كَأَنَّا لَسْنَا مِنَ الأَحْيَاءِ، أَمَّا عَدَمُ البَرَكَةِ فِي أَعْمَارِنَا فَلأنَّ أَحَدُنَا يَمُرُّ عَلَيْهِ الشَّهْرُ وَالعَامُ لا تَرَى لِحَيَاتِهِ مِنْ َأثرَ فِي الإِصْلاحِ وَتَوْجِيهِ المُنْحَرِفِينَ، وَالقِيَامِ التَّامِ المُثْمِر بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفَ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ وَالسَّعْيِ فِي إِزَالَةِ مَا يَمَسُّ الدِّينَ مِمَّا حَلَّ فِي بِلادِ المُسْلِمِينَ مِنْ المُنْكَرَاتِ وَالمَفَاسِدِ وَالشُّرُورِ، وَلَوْ سَأَلْتَ أَحَدُنَا هَلْ لَكَ مِنْ حَيَاتِكَ أَثٌر نَافِعٌ لَتَلَجْلَجَ فِي الكَلامِ يَنْظُرُ وَرَاءَهُ فَلا يَرَى أَثَرًا، وَيَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّ الأَيَّامَ مَرَّتْ سُدَى تَتْلُوهَا الأَيَّامُ هَذَا مِنْ عَدَمْ البَرَكَةِ فِي أَعْمَارِنَا، وَأَمَّا عَدَمُ البَرَكَةِ فِي أَعْمَالِنَا فلأَنَّ أَحدُنَا مَا دَامَ مُسْتَيْقِظًا يَتَحَرَّكُ وَلا تَنْقَطِعُ أَقْواله وَلا أَفْعَاله وَلَكِنَّهَا تَدُور بَيْنَ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، أَوْ عَبَثٍ لا يَلِيقُ أَنْ يَصْدُرَ مِنَ الرِّجَالِ، فَتَجِدُ الكَذِبَ وَالنَّمِيمَةَ وَالقَذْفَ وَالغِيبَةَ وَالتَّمَلُّقِ وَالنِّفَاقَ وَالرِّيَاءَ وَتَعْظِيمَ العُصَاةِ المُجَاهِرينَ بِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَدَمُ البَرَكَةِ فِي أَمْوَالِنَا فلأَنَّ أَحَدَنَا يَكُونُ عِنْدَهُ المَالُ الكَثِيرُ فَتَرَاهُ يُبَعْثِرَهُ فِي سَبِيلِ شَهَوَاتِهِ وَمَلَذَّاتِهِ الفَاجِرَةِ أَوْ يَكْنِزَهُ وَلا يُخْرِجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute