{اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} . ولكن نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ، وَمِنْ خَلْفِكَ، فَأشْرَقُ وَجْهُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُرَّ بِمَا سَمِعَ، وَقَالَ: «سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ اللهَ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَصَارِعَ القَوْم» . فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى بَدْرٍ حَتَّى نَزَلَ عِشَاءً أَدْنَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَدْرٍ، فَقَالَ الْحُبَابُ بن الْمُنْذِر - وَكَانَ خَبِيرًا بِمِيَاهِ بَدْرٍ -: يَا رَسُولَ اللهِ أَهَذَا مَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللهُ، لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَ مِنْهُ أَوْ نَتَأَخَّرُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» . فَقَالَ الْحُبَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِي أَدْنَى مَاءٍ مِنْ القَوْمِ، فَنُنْزِلَه، فَإِنِّي أَعْرِفُ غَزَارَةَ مَائِهِ وَكَثْرَتهَ، فَننْزِلُهُ وَنُغَوّرُ مَا عَدَاهُ مِنْ الآبَارِ، ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا، فَنَمْلؤُهُ مَاءً، فَنَشْرَبُ وَلا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَشَرْتَ بالرأي» . وَنَهَضَ بأصْحَابِهِ حَتَّى نَزَلُوا، ثُمَّ بَنُوا الْحَوْضَ عَلَى البِئْرِ، حَيْثُ أَشَارَ الْحُبَابُ، وَطَمَسُوا كُلَّ مَا وَرَاءَهُمْ مِن الآبَارِ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ الزَّلَلِ وَوَفِّقْنَا لِصَالِحِ العَمَلِ وَهَدَانَا بِفَضْلِهِ سَبِيلَ الرَّشَادِ وَطَرِيقَ السَّدَادِ إِنَّهُ جَلَّ شَأنُهُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
مَوْعِظَةٌ
عِبَادَ اللهِ اهْتِفُوا بالقُلُوب لَعَلَّهَا تَسْتَيْقِظُ مِنْ وَسَنِ الرُّقَادِ وَاصْرِفُوا نُفُوسَكمْ عَنْ مَوَارِدِ الإِبْعَادِ في دارِ النُّقْلَةِ وَالزَّوَالِ آثارَ السَّلَفِ الزُّهَادِ فَقَدْ نَاحَتْ الدُّنْيَا عَلَى أَهْلها بَألْسُنِ الانْقِلابِ وَلاحَتْ لَكُمْ مِنْ الآخرةِ شَوَاهِدُ الاقْتِرَابِ وَأَنْتُمْ عَمَّا أَضَلَّكُمْ مِنْهَا غَافِلُونُ وَبِمَا غَرَّكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute