ومرجحات مِنْهَا إِنَّكَ إِذَا رَأَيْتَ الله جَلَّ وَعَلا قَدْ عَصَمَكَ من المعاصي وَكَرَّهَهَا إليكَ وَوَفَّقَكَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِن الطاعات التي أمركَ بِهَا تَرَجّح عِنْدَكَ الْقُبُول لا تَتَهَاون بالذنب الصغير وانظر إِلَى مَن عَصَيْتَ رَبًّا عَظِيمًا السماوات والأَرْض جميعًا قبضتُه يوم القيامة.
شِعْرًا: ... أَفَقْ مِنْ غَفْلَةِ الآمَالِ تَسْلَمْ ... وَقُمْ للهِ أَوَّابًا مُطِيعَا
وَخَالِفْ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ... وَنَفْسِكَ وَالْهَوَى نُمَّ الرَّقِيعَا
فَنِعْمَ الْعَبْدُ أَنْتَ بِغَيْرِ شَكٍّ ... إِذَا أَصْبَحْتَ لِلدَّاعِي سَمِيعَا
بَصِيرًا بِالْعَوَاقِبِ فِي أُمُورٍ ... بِهَا أَحْسَنْتَ مَا عِشْتَ الصَّنِيعَا
تَمَسَّكْ بِالشَّرِيعَةِ وَاحْتَرِمْهَا ... تَنَلْ مِنْ فَضْلِهَا الشَّرَفَ الرَّفِيعَا
وَاللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم.
(فَصْلٌ)
اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ آفَةُ الْكِبْرِ عَظِيمَةٌ وَفِيهِ يَهْلِكُ الْخَوَّاصُ وَقَلَّمَا يَنْفَكُ عَنْهُ الْعُبَّاد وَالزُّهَادُ وَالْعُلَمَاءُ وَكَيْفَ لا تعظم آفُتُهُ وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَإِنَّمَا صَارَ حِجَابًا دُونَ الْجَنَّة لأَنَّهُ يحول بين الْعَبْد وبين أَخْلاق الْمُؤْمِنِينَ لأن صاحبه لا يقدر أنْ يُحِبَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ فلا يَقْدِرُ على التَّوَاضُعِ وَلا عَلَى تَرْكِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْغَضَبِ وَلا عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ وَقُبُولِ النُّصْحِ وَلا يَسْلِمْ مِنْ الازْدِرَاءِ وَالاحْتِقَارِ لِلنَّاسِ وَاغْتِيَابِهِمْ فَمَا مِنْ خُلُقٍ شَيْءٍ ذَمِيمٍ إِلا وَهُوَ مُتَّصِف به ومُضْطَرٌ إِلَيْهِ وَقَدْ شَرَحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الْكِبْر فقَالَ: «الْكِبْر بَطَر الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» . وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُجْبَ يَدْعُوا إِلَى الْكِبْرِ تَتَوَلَّدُ الآفَاتُ الْكَثِيرَةُ وَهَذَا مَعَ الْخَلْقِ فَأَمَّا مَعَ الْخَالِقِ فَإِنَّ الْعُجْبَ بِالطَّاعَاتِ نَتِيجَةِ اسْتِعْظَامُهَا فَكَأَنَّهُ يَمُنُّ عَلَى اللهِ تَعَالَى بِفِعْلِهَا وَيَنْسَى فَضْلَ اللهِ وَنِعْمَتَه عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ لَهَا وَيَعْمَى عَنْ آفَاتِهَا الْمُفْسِدةِ لِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute