للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا الْبَيِّنَةُ، وَكَذَا لَوِ ادَّعَى عَلَى الشَّاهِدِ أَنَّهُ شَهِدَ بِالزُّورِ، وَأَرَادَ تَغْرِيمَهُ، لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ شَرْعًا.

وَلَوْ فَتَحَ بَابَ تَحْلِيفِهِمَا لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ، وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: قَدْ عُزِلْتَ، فَأَنْكَرَ وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ التَّحْلِيفُ فِي جَمِيعِ هَذَا كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إِذَا ادُّعِيَتْ خِيَانَتُهُمْ.

الْبَابُ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ فِيهِ أَطْرَافٌ

الْأَوَّلُ: فِي آدَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَهِيَ عَشْرَةٌ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْتُبَ الْإِمَامُ كِتَابَ الْعَهْدِ لِمَنْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ، وَيَذْكُرَ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ الْقَاضِي إِلَى الْقِيَامِ بِهِ، وَيَعِظُهُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يَبْعَثُهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، نُظِرَ إِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ إِلَيْهِ، فَلْيُشْهِدْ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّوْلِيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ وَيَقْرَآنِهِ، أَوْ يَقْرَؤُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ قَرَأَ غَيْرُ الْإِمَامِ، فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدَانِ فِيهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ الشَّاهِدَانِ مَعَهُ، فَيُخْبِرَانِ بِالْحَالِ هُنَاكَ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَيْسَ هَذَا عَلَى قَوَاعِدِ الشَّهَادَاتِ، إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ قَاضٍ يُؤَدِّي عِنْدَهُ الشَّهَادَةَ. وَلَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ، كَفَى، فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ إِلَيْهِ وَيَسْتَفِيضُ، فَإِنْ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالْوَكَالَةِ وَالْإِجَارَةِ، وَأَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ، وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: إِذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنِ الْخُلَفَاءِ الْإِشْهَادُ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبَلَدِ الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ خِلَافٌ، وَيَكُونَ التَّعْوِيلُ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ مُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ اسْتِفَاضَةٍ، وَلَا إِشْهَادٌ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي اعْتِمَادِهِ وَجْهَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>