الْأَدَبُ الثَّانِي: إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى بَلَدِ قَضَائِهِ، سَأَلَ عَنْ حَالِ مَنْ فِيهِ الْعُدُولِ وَالْعُلَمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ، سَأَلَ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَى عِلْمٍ بِحَالِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ، سَأَلَ حِينَ يَدْخُلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
قُلْتُ: قَالَ الْأَصْحَابُ: فَإِنْ تَعَسَّرَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ فَالْخَمِيسُ، وَإِلَّا فَالسَّبْتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَنْ يَنْزِلَ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَوِ النَّاحِيَةِ، لِئَلَّا يَطُولَ الطَّرِيقُ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَإِذَا دَخَلَ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يَشْتَغِلَ فِي الْحَالِ بِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ، فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَهُ، وَيَأْمُرَ مُنَادِيًا يُنَادِي يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ عَلَى حَسَبِ صِغَرِ الْبَلَدِ أَوْ كِبَرِهِ أَنَّ فُلَانًا جَاءَ قَاضِيًا، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ يَوْمَ كَذَا لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ، فَمَنْ أَحَبَّ، فَلْيَحْضُرْ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا، قَرَأَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شُهُودٌ شَهِدُوا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَيَسْتَحْضِرُ النَّاسُ، وَيَسْأَلُهُمْ عَنِ الشُّهُودِ وَالْمُزَكَّيْنَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَتَسَلَّمُ دِيوَانَ الْحُكْمِ وَهُوَ مَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَهُ مِنَ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ، وَحُجَجِ الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ، وَحُجَجِ غَيْرِهِمُ الْمُودَعَةِ فِي الدِّيوَانِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَقَدِ انْتَقَلَتِ الْوِلَايَةُ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ النَّظَرَ فِي الْأُمُورِ نَظَرَ أَوَّلًا فِي الْمَحْبُوسِينَ هَلْ يَسْتَحِقُّونَهُ أَمْ لَا؟ وَيَأْمُرُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِلنَّظَرِ فِيهِمْ مَنْ يُنَادِي يَوْمًا فَأَكْثَرَ عَلَى حَسَبِ الْحَاجَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا، فَمَنْ لَهُ مَحْبُوسٌ، فَلْيَحْضُرْ، وَيَبْعَثُ إِلَى الْحَبْسِ أَمِينًا لِيَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوسٍ وَمَا حُبِسَ بِهِ، وَمَنْ حُبِسَ لَهُ فِي رُقْعَةٍ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ يَبْعَثُ أَمِينَيْنِ وَهُوَ أَحْوَطُ. فَإِذَا جَلَسَ فِي الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَحَضَرَ النَّاسُ، صُبَّتِ الرِّقَاعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَأْخُذُ رُقْعَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute