وَهَلْ يُرَقُّ الْعَبْدُ؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْوَارِثُ كَيْفَ شَاءَ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيمَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ، فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا، يَبْقَى الْإِبْهَامُ كَمَا كَانَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا نَزَالُ نُعِيدُ الْقُرْعَةَ حَتَّى تَخْرُجَ عَلَى الْعَبْدِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْقَوْلُ غَلَطٌ يَجِبُ إِخْرَاجُ قَائِلِهِ مِنْ أَحْزَابِ الْفُقَهَاءِ، وَيَنْبَغِي لِقَائِلِهِ أَنْ يَقْطَعَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ، وَيَتْرُكَ تَضْيِيعَ الزَّمَانِ بِالْقُرْعَةِ. فَالصَّوَابُ بَقَاءُ الْإِبْهَامِ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا قَوْلَ الْوَارِثِ فَقَالَ: الْحِنْثُ فِي الْعَبْدِ، عَتَقَ وَوَرِثَتِ الزَّوْجَةُ، وَإِنْ عَكَسَ، فَلِلْمَرْأَةِ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ، وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَدَّعِيَ الْعِتْقَ، وَيُحَلِّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِنْثَ مُورِثُهُ فِيهِ.
وَنَقَلَ الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُبَيِّنِ الْوَرَثَةُ وُقِفَ حَتَّى يَمُوتُوا، وَيَخْلُفُهُمْ آخَرُونَ، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَحْصُلَ بَيَانٌ، وَوَجْهًا، أَنَّ الْوَارِثَ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَهَذَانِ ضَعِيفَانِ، وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْإِقْرَاعُ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَصْلٌ
ذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا مَسَائِلَ مَنْثُورَةً تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ الطَّلَاقِ، نَقَلْتُهَا إِلَى مَوْضِعِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا، وَمِمَّا لَمْ أَنْقُلْهُ مَسَائِلُ، مِنْهَا عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ: لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَقَالَ مُشِيرًا إِلَى إِحْدَاهُمَا: امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْتُ الْأُخْرَى، فَهَلْ تُطَلَّقُ الْأُخْرَى، وَتَبْطُلُ الْإِشَارَةُ، أَمْ تُطَلَّقَانِ مَعًا؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَفُلَانَةٌ أَوْ فُلَانَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ ضَمَّ الثَّانِيَةِ إِلَى الْأُولَى، فَهُمَا حِزْبٌ، وَالثَّالِثَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute