قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَعَيِّنٌ، وَقَدْ قَالَهُ آخَرُونَ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَذَفَ نَبِيًّا غَيْرَ نَبِيِّنَا، فَهُوَ كَقَذْفِ نَبِيِّنَا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ
يُؤْخَذُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ، وَلَا يُخْرِجُوا جَنَائِزَهُمْ ظَاهِرًا، وَلَا يُظْهِرُوا عَلَى مَوْتَاهُمْ لَطْمًا وَلَا نَوْحًا، وَلَا يَسْقُوا الْمُسْلِمِينَ خَمْرًا، وَلَا يُطْعِمُوهُمْ خِنْزِيرًا، وَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَعَرَضَ بَعْضُهُمْ خَمْرًا عَلَى مُسْلِمٍ، فَشَرِبَهَا اخْتِيَارًا، حُدَّ الْمُسْلِمُ وَعُزِّرَ الذِّمِّيُّ، وَكَذَا لَوِ ابْتَدَأَ الْمُسْلِمُ بِطَلَبِهَا فَأَجَابَهُ، لَكِنَّ تَعْزِيرَهُ هُنَا أَخَفُّ، وَأَنْ لَا يُعْلُوا أَصْوَاتَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُعِينُوهُمْ إِذَا اسْتَعَانُوا بِهِمْ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَأَنْ لَا يَسْتَذِلُّوا الْمُسْلِمِينَ فِي مِهَنِ الْأَعْمَالِ بِأُجْرَةٍ وَلَا بِتَبَرُّعٍ، حُكِيَ أَكْثَرُ هَذَا عَنْ «الْحَاوِي» أَنَّهُمْ لَوِ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ، هَلْ يُمْنَعُونَ رُكُوبَ الْخَيْلِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا كَإِظْهَارِ الْخَمْرِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ بَنَى ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِنَاءً لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، مُكِّنَ إِنْ جَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِنَّ خَصَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَوَجْهَانِ، وَيَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ، فَيَتَعَرَّضُ لِسِنِّهِ أَهْوَ شَيْخٌ أَمْ شَابٌّ، وَلِكَوْنِهِ مِنْ سُمْرَةٍ وَشُقْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَيَصِفُ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ وَجَبْهَتَهُ وَحَاجِبَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَشَفَتَيْهِ وَأَنْفَهُ وَأَسْنَانَهُ، وَآثَارَ وَجْهِهِ إِنْ كَانَ فِيهِ آثَارٌ، وَيَجْعَلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ عَرِّيفًا يَضْبُطُهُمْ لِمَعْرِفَةِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَمَنْ مَاتَ، وَمَنْ بَلَغَ، وَمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ، وَلِيَحْضُرَهُمْ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَالشَّكْوَى إِلَيْهِ مِمَّنْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ يَتَعَدَّى مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَرِّيفُ لِلْعَرْضِ الثَّانِي ذِمِّيًّا، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَرْضِ الْأَوَّلِ إِلَّا مُسْلِمٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute