بَعْدَ الْعِتْقِ، فَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ النَّفْسِ إِذَا كَانَ جَارِحُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا، وَجَارِحُ الْعَبْدِ حُرًّا، وَتَجِبُ فِيهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا أَوَّلًا، وَهُوَ فِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ قِيمَتُهُ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ، أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا مِائَةٌ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الدِّيَةُ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ، فَالْجَمِيعُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ لِلْوَرَثَةِ، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ، وَجَبَتْ بِكَمَالِهَا لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيْ عَبْدٍ، فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْجَبْنَا كَمَالَ الدِّيَةِ، وَفِيمَا لِلسَّيِّدِ مِنْهَا قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ كُلِّ الدِّيَةِ، وَكُلُّ الْقِيمَةِ، وَأَظْهَرُهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ كُلِّ الدِّيَةِ، وَنِصْفُ الْقِيمَةِ، وَهُوَ أَرْشُ الطَّرَفِ الْمَقْطُوعِ فِي مِلْكِهِ.
فَصْلٌ
قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ، فَعَتَقَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى، أَوْ رِجْلَهُ، نُظِرَ، إِنِ انْدَمَلَتِ الْجِرَاحَتَانِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ حَرًّا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ، وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي النَّفْسِ، وَلَا فِي الطَّرَفِ إِنْ كَانَ حُرًّا.
وَأَمَّا الثَّانِي، فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي الطَّرَفِ، وَكَذَا فِي النَّفْسِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: لَا قِصَاصَ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ كَشَرِيكِ الْمَبِيعِ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، فَعَفَا الْمُسْتَحِقُّ، فَعَلَيْهِمَا كُلُّ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ، أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ.
وَيَكُونُ حَقُّهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنِ اقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنَ الثَّانِي، بَقِيَ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ، أَخَذَهُ السَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute