أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ وَضَاعَ، كُفِّنَ ثَانِيًا مِنَ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَهُوَ كَمَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ.
قُلْتُ: هَكَذَا جَزَمَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» بِأَنَّهُ يَجِبُ تَكْفِينُهُ ثَانِيًا مِنَ التَّرِكَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : إِذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِهِ وَقُسِّمَتِ التَّرِكَةُ، ثُمَّ سُرِقَ الْكَفَنُ، اسْتُحِبَّ لِلْوَرَثَةِ تَكْفِينُهُ ثَانِيًا، وَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوِيٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنَّمَا يُقْطَعُ النَّبَّاشُ إِذَا أَخْرَجَ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ، أَمَّا إِذَا أَخْرَجَهُ مِنَ اللَّحْدِ إِلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ، وَتَرَكَهُ هُنَاكَ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا يُقْطَعُ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى صَحْنِ الدَّارِ.
فَصْلٌ
إِذَا كَانَ الْحِرْزُ مِلْكًا لِلسَّارِقِ، نُظِرَ إِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِإِجَارَةٍ، فَسَرَقَ مِنْهُ الْمُؤَجِّرُ، قُطِعَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ إِعْلَامٌ بِأَنَّ التَّصْوِيرَ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ بِالْإِجَارَةِ إِيوَاءَ الْمَتَاعِ دُونَ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَآوَى إِلَيْهَا مَاشِيَةً، وَإِنْ كَانَ الْحِرْزُ فِي يَدِهِ بِإِعَارَةٍ وَسَرَقَ الْمُعِيرُ مِنْهُ مَالَ الْمُسْتَعِيرِ، قُطِعَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إِنْ دَخَلَ الْحِرْزَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَنِ الْعَارِيَةِ فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ السَّرِقَةِ قُطِعَ، وَلَوْ أَعَارَ عَبْدًا لِحِفْظِ مَالٍ، أَوْ رَعْيِ غَنَمٍ، ثُمَّ سَرَقَ مِمَّا يَحْفَظُهُ عَبْدُهُ، فَقِيلَ: يُقْطَعُ قَطْعًا، وَقِيلَ: فِيهِ الْأَوْجُهُ، وَلَوْ أَعَارَ قَمِيصًا، فَلَبِسَهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَطَرَّ الْمُعِيرُ جَيْبَهُ وَأَخَذَ مَا فِيهِ، قُطِعَ، وَلَوْ كَانَ الْحِرْزُ فِي يَدِهِ بِغَصْبٍ، فَسَرَقَ مَالِكُ الْحِرْزِ مِنْهُ، فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ جَائِزٌ فَلَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ، لَمْ يُقْطَعْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute