للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يَنْزِلُ عَلَى سَنَةٍ، وَالثَّانِي: عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يُوقِفَ الْإِمَامُ الْهُدْنَةَ، وَيَشْرُطُ انْقِضَاءَهَا مَتَى شَاءَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَقَالَ: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ» لَكِنْ لَوِ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، أَوْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ مَا شَاءَ فُلَانٌ، وَهُوَ مُسْلِمٌ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ، فَإِذَا نَقَضَهَا، انْتَقَضَتْ، وَلَوْ قَالَ: مَا شَاءَ فُلَانٌ مِنْكُمْ، لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

فَرْعٌ

إِذَا زَادَ قَدْرُ مُدَّةِ الْهُدْنَةِ عَلَى الْجَائِزِ، بِأَنْ زَادَ عِنْدَ الضَّعْفِ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، أَوِ احْتَاجَ إِلَى أَرْبَعٍ مَثَلًا، فَزَادَ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الزَّائِدِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْعِوَضِ، وَلِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ.

فَرْعٌ

إِذَا طَلَبَ الْكَافِرُ الْأَمَانَ لِيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَبَتْ إِجَابَتُهُ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَلْ يُمْهَلُ لِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَمْ يُقَالُ: إِذَا لَمْ يُفَصَّلِ الْأَمْرُ بِمَجَالِسَ يَحْصُلُ فِيهَا الْبَيَانُ التَّامُّ يُقَالُ لَهُ: الْحَقْ بِمَأْمَنِكَ؟ فِيهِ تَرَدَّدٌ أَخَذْتُهُ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا

فَمَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ لِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ، أَوْ لِالْتِزَامِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، لَا يُمْضَى بَلْ يَجِبُ نَقْضُهُ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ اغْتِيَالُهُمْ، بَلْ يَجِبُ إِنْذَارُهُمْ وَإِعْلَامُهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>