وَإِذَا وَقَعَ صَحِيحًا، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، أَوْ صُدُورِ خِيَانَةٍ مِنْهُمْ تَقْتَضِي الِانْتِقَاضَ، وَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي عَقَدَهَا، أَوْ عُزِلَ، وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ إِمْضَاؤُهُ، فَإِنْ رَآهُ فَاسِدًا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِنْ كَانَ فَسَادُهُ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، لَمْ يَفْسَخْهُ، وَإِنْ كَانَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَسَخَهُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذْ هَادَنَ أَنْ يَكْتُبَ عَقْدَ الْهُدْنَةِ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ لِيَعْمَلَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: لَكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذِمَّتِي، وَمَتَى صَرَّحُوا بِنَقْضِ الْعَقْدِ، أَوْ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ، أَوْ آوَوْا عَيْنًا عَلَيْهِمْ، أَوْ كَاتَبُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، أَوْ قَتَلُوا مُسْلِمًا، أَوْ أَخَذُوا مَالًا، أَوْ سَبُّوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِنَقْضِهِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمَضَرَّاتُ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي انْتِقَاضِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِهَا تَنْقُضُ الْهُدْنَةَ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ الْهُدْنَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُتَأَكِّدَةٍ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ، وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، جَازَ قَصْدُ بَلَدِهِمْ وَتَبْيِيتُهُمْ وَالْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ إِنْ عَلِمُوا أَنَّ مَا فَعَلُوهُ نَاقِضٌ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَعْلَمُوا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا يُقَاتَلُونَ إِلَّا بَعْدَ إِنْذَارِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَفْعُولُ مِمَّا لَا يُشَكُّ فِي مُضَادَّتِهِ لِلْهُدْنَةِ، كَالْقِتَالِ، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَصْدِهِمْ وَالْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ هُوَ إِذَا كَانُوا فِي بِلَادِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ مُهَادَنَةٍ، فَلَا يُغْتَالُ وَإِنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، بَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ، هَذَا إِذَا نَقَضَ جَمِيعُهُمُ الْعَهْدَ، فَإِنْ نَقَضَهُ بَعْضُهُمْ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُنْكِرِ الْآخَرُونَ عَلَى النَّاقِضِينَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، بَلْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ أَيْضًا، وَإِنْ أَنْكَرُوا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، بِأَنِ اعْتَزَلُوهُمْ أَوْ بَعَثُوا إِلَى الْإِمَامِ بِأَنَّا مُقِيمُونَ عَلَى الْعَهْدِ، لَمْ يَنْتَقِضْ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَوَرَاءَهُ شَيْئَانِ غَرِيبَانِ، أَحَدُهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ بَدَتْ خِيَانَةُ بَعْضِهِمْ وَسَكَتَ الْآخَرُونَ، كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ، وَالثَّانِي فِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ: أَنَّهُ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute