بِالْحِجَازِ، أَوْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ، أَوْ يُظْهِرُوا الْخُمُورَ فِي دَارِنَا، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ إِذَا جِئْنَ مُسْلِمَاتٍ، وَكَذَا وَلَوْ عَقَدَ بِشَرْطِ الْتِزَامِ مَالٍ، فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إِلَى بَذْلِ مَالٍ، بِأَنْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ الْأَسْرَى فِي أَيْدِيهِمْ فَفَدَيْنَاهُمْ، أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَخِفْنَا الِاصْطِدَامَ، فَيَجُوزُ بَذْلُ الْمَالِ، وَدَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا، وَفِي وُجُوبِ بَذْلِ الْمَالِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ.
قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْبِنَاءُ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّائِلَ إِذَا كَانَ كَافِرًا، وَجَبَ دَفْعُهُ قَطْعًا، ثُمَّ الْخِلَافُ هُنَاكَ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ بِالْقِتَالِ، وَهُنَا بِالْمَالِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْبَذْلِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَمْلِكُ الْكُفَّارُ مَا يَأْخُذُونَهُ، لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَالَهُ فِي «الْمُهَذَّبِ» وَإِذَا جَرَى فِي الْمُهَادَنَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ، فَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، أَوْ يَكُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْهُدْنَةِ، هَادَنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ قَطْعًا، وَلَا سَنَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ جَازَتِ الزِّيَادَةُ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَلَا تَجُوزُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَشْرِ، لَكِنْ إِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَالْحَاجَةُ بَاقِيَةٌ، اسْتُؤْنِفَ الْعَقْدُ، وَقِيلَ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشْرٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذِهِ أَوْجُهٌ شَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ، فَإِذَا قُلْنَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشْرٍ، فَهَادَنَ مُطْلَقًا، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَقِيلَ: يَنْزِلُ عِنْدَ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَشْرٍ، وَعِنْدَ الْقُوَّةِ قَوْلَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute