للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

حَيْثُ حَكَمْنَا بِانْتِقَاضِ الْعَهْدِ، هَلْ يُبَلِّغُهُمُ الْمَأْمَنَ؟ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ كَمَنْ دَخَلَ بِأَمَانِ صَبِيٍّ، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا، بَلْ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ، وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ، وَالْقَوْلَانِ فِي الِانْتِقَاضِ بِغَيْرِ قِتَالٍ، فَأَمَّا إِذَا نَصَبُوا الْقِتَالَ، وَصَارَ حَرْبًا لَنَا فِي دَارِنَا، فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِمْ، وَالسَّعْيِ فِي اسْتِئْصَالِهِمْ، وَلَوْ أَسْلَمَ مَنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِمَامُ شَيْئًا، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ، فَخَفَّ أَمْرُهُ، وَهَلْ يَبْطُلُ أَمَانُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ تَبَعًا كَمَا يَثْبُتُ تَبَعًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، إِذَا لَمْ تُوجَدُ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ نَاقِضَةٌ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ، وَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا، فَإِنْ طَلَبُوا الرُّجُوعَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، أُجِيبَ النِّسَاءُ دُونَ الصِّبْيَانِ، إِذْ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، أُجِيبَ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ نَبَذَ ذِمِّيٌّ إِلَيْنَا الْعَهْدَ، وَاخْتَارَ اللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، بَلَّغْنَاهُ الْمَأْمَنَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَجْرَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>