للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا.

وَأَمَّا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّوءِ إِذَا جَهَرُوا بِهِ، وَطَعْنِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَنَفْيِهِمُ الْقُرْآنَ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالزِّنَى بِمُسْلِمَةٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ قَطْعًا، كَالْقِتَالِ، وَفِي مَحَلِّ الْخِلَافِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فِيمَا إِذَا ذَكَرَ الذِّمِّيُّ سَوَاءً يَعْتَقِدُهُ وَيَتَدَيَّنُ بِهِ، كَتَكْذِيبٍ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا مَا لَا يَعْتَقِدُهُ، وَلَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، بِأَنْ طَعَنَ فِي نَسَبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ نَسَبَهُ إِلَى الزِّنَى، فَلْيَلْتَحِقْ بِالْقِتَالِ، وَيَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِهِ قَطْعًا سَوَاءً شَرَطَ عَلَيْهِ الْكَفَّ عَنْهُ أَمْ لَا، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا ذَكَرَ مَا لَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، فَأَمَّا مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، فَلَا يَنْتَقِضُ بِإِظْهَارِهِ قَطْعًا، وَمِنْ هَذَا نَفْيُهُمُ الْقُرْآنَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَهُمُ اللَّهَ تَعَالَى كَذِكْرِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا إِظْهَارَ الشِّرْكَ، وَقَوْلَهُمْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَمُعْتَقَدَهُمْ فِي الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ، كَإِظْهَارِهِمُ الْخَمْرَ، فَلَا يَنْتَقِضُ قَطْعًا، مَعَ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالسُّوءِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا إِلَّا عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّ السُّوءَ الَّذِي يَتَدَيَّنُ بِهِ لَا يَنْقُضُ قَطْعًا، وَنَقَلَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ شَتَمَ مِنْهُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُتِلَ حَدًّا، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ وَالْقِينَتَيْنِ، وَزَيَّفُوهُ وَقَالُوا: إِنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ لَا أَمَانَ لَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>