البداية قبل أن أتكلم في وسائلها وأساليبها، سأسألكم أنتم أيها الحضور: هل تهيأت نفوسكم للبداية والانطلاق في إصلاح هذا المجتمع؟ هل تصيبك الغيرة ويقلقك ضميرك، وهل تتقلب على فراشك وأنت تفكر في حال خمسة أو ستة من جيرانك الذين وقعوا في أسر كثير من الأمراض، والشهوات الخبيثة، والعادات الضارة؟ هل تنزعج حينما تدخل سوقاً من الأسواق وترى حجم التبرج فيه؟ وهل تنزعج حينما ترى الاختلاط في مجال من المجالات؟ هل تنزعج وتجد الأسى يعصر قلبك إذا مررت ببنك ربوي، وتقول: متى يكون هذا البنك على منهاج الله ومنهاج رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل وجد هذا التهيؤ النفسي؟ البداية النفسية قبل البداية الحسية، تهيؤنا لأن نبدأ، وتهيؤ النفس للإصلاح هو أمر مهم جداً من أجل أن يشارك كل واحد منا، ولكي يستلم كل واحد منا دوره، في أن يقدم ولو لبنة واحدة في إصلاح المجتمع والتغيير نحو الأفضل.
إننا نجد شباباً قد شدوا المآزر، وتعاهدوا بالله، وتعاونوا على مرضاة الله في الدعوة إلى الله جل وعلا، تجد عددهم سبعة ثمانية، هم لم يعرفوا عالماً معرفة وثيقة حتى يزوروه ويزورهم، يحضرون مثل هذه المحاضرات، يسمعون الأشرطة، يسمعون خطب الجمعة في بعض الجوامع، فتجد الثمرة الطبيعية في القلوب الحية، وفي العقول الوثابة المتطلعة إلى أن تضع نفسها في موقعها المناسب لإصلاح مجتمعها، ترى الثمرة الطبيعية من هؤلاء الشباب أن يقولوا: ماذا نعمل؟ وكيف نعمل؟ تجد بعضهم يركز على مجموعة من محلات الفيديو لكي يدعو أصحابها ويتخصص فيهم، وبعضهم يركز على عدد من الشباب الذين في سجون المخدرات أو في مستشفيات الأمل، لكي يحاول أن يدعوهم إلى الله، ويتوبوا إلى الله، ويربط معهم علاقة، ويكون معهم رعاية لاحقة بعد خروجهم من هذه السجون، ومن ثم يفيد ويستفيد بإذن الله جل وعلا.
أقول: ونِعْمَ هذه الجهود الطيبة التي نراها من شبابنا وإخواننا، فهل كل الإخوان الحضور الآن، وهل جميع شباب الصحوة في أنحاء هذه البلاد الطيبة على مستوىً من الاستعداد للإصلاح؟ أم أن همنا أن نتناقل الأخبار: سمعت ماذا قال فلان؟ لا والله ما سمعت، قال: كذا وكذا وكذا، الله يجزيه الخير خطبة ممتازة، خطبة حماسية ورائعة، ما رأيك أن نتغدى اليوم سوياً، في أي مطعم؟ الله أكبر! بعد التكبير والحماس، والخطابة والمواضيع، نفكر بالغداء مباشرة، لا يفكر واحد بعد الخطبة أن يقول ماذا أقدم؟ هل بين يدي أمر أستطيع أن أبدأ به؟ هل عندي مجال أستطيع أن أستغله؟ لا.
مجرد أن نردد العبارات والكلمات، ثم بعد ذلك تجد الواحد يعود إلى ديدنه وطبيعته ونمط حياته الرتيب الذي لا يقدم فيه للمجتمع خيراً.