السنة النار اندلاعاً، وهوت على قصور تناطح السماء، فتحولت المدينتان إلى أتون متسعر ذي لهب قاتم يزعج النفوس واستفاق الأهلون الذين لم يفكروا هنيهة في الله، وأصوات الدماء توجف القلوب وانهيار الجدران يروّع الأسماع، فاندفعوا في الطرق المتقدة والذعر آخذ منهم كل مأخذ، فصارت الأجسام إلى بقايا سوداء.
هوذا الملك يشرف من قصره والكاهن من معبده والرجل والمرأة من مخدع غرامهما الدنس، ولكن كيف السبيل إلى الفرار والنار المضطرمة تلتهم وتدمر. فقل أذن أن الجحيم قد انفتح لابتلاع الأرض وما عليها من مبان وإناس.
لم تبق النار على شيء
وعبثأً حاولوا استمداد الآلهة فإن يد الله قد ضربت فسحقت الإنسان مع الصخر، ولا شت العشب وجففت الماء، وحولت عواصف تلك الليلة الرهيبة رواسي الجبال من حال إلى حال
هناك سواد منتشر في الأرض وفي السماء
هناك الآن صخور قاحلة جرداء لا يكاد ينبت فيها عشب حتى يصفر ويذبل ويموت، فإن الهواء الذي يهب في تلك الأرجاء يلهب ويحرق.
لم يبق للمدينتين من أثر. ولم يدع الماضي لعبرة الحاضر والمستقبل سوى بحيرة مرة تغلي كمرجل لذكرى نار السماء