للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سلطانة الكواكب متهادية نحو الغرب، خالعة على المدينة ثوباً من الورد، وقد داعب النسيم الماء العذي فطرقت مسامع مصر تنفسات عشيقها النيل الذي جعل يرنو بعينه الدامية إليها وهي منارة الأمصار. هوذا سلطان منير قد طلع يتهادى في فضاء فسيح صافٍ لا تشوبه سحابة وأخذ يتبع آثار مصدر نوره كما يتبع العشيق خطوات معشوقته مستعداً منها سعادة تدوم ما دام لم يكن هناك احتكاك.

سألت السحابة قائلة: أين أقف؟ فأجابها صوت اهتزت له الأرض: ابحثي.

الأرض كجمرة تتأجج ولا تشاهد العين سوى رمال يذرها هواء ملتهب وهي رمال تبدو حيناً شامخة كالجبال وتظهر حيناً منبسطة كالسهول فنحن أذن في الصحراء التي تجتازها قوافل الجمال ولا يعرف منعزلاتها الندية سوى الله. وهي صحراء كبحر يتصاعد الدخان منه وزبد أمواجه تراب من النار. فسألت السحابة أأحول هذه الأتون المترامي الأطراف إلى بحيرة تخترقها الأفلاك؟

فأجابها صوت من السماء:

إلى الأمام! إلى الأمام!

هذه بابل ذات القلاع المتهدمة، بل هذه هي المدينة العظيمة التي انبثقت منها مفاخر الفتوحات ولكنها خرب وانهارت فارتسمت أظلال الأطلال ذات المنظر المؤثر على أربعة جبال تحيط بها أحاطة السوار. بل هذه هي الدائرة التي أقيمت فيها سلم يرقى بها إلى السماء. ولكن السلم

<<  <  ج: ص:  >  >>