وكان الشعراء بالأمس يقفون على أبواب الملوك والعظماء لينشدوهم الشعر، ونراهم اليوم المقربين الجالسين في الصدر.
ولقد نظم شوقي بك هذا المعنى فأبدع وأجاد. ولشاعر أمير مصر ولع بشعر ابن هاني شاعر هارون الرشيد وقد أطلق على منزله في المطرية اسم كرمة ابن هاني وكان هذا المنزل مزداناً بأبهج الزينات ليلة عودة سمو الخديوي من الحج فاتفق أن سموه مر تلك الليلة أمام كرمة ابن هاني فألقى شاعره واقفاً على الباب فقال له:
يا شوقي أعجبتني قصيدتك كما أعجبتني زينتك فارتجل شوقي بك الأبيات الآتية التي أشرنا إليها، كحاشية لطراز البردة:
زين الملوك الصيد مر بزينتي ج كرماً وباب الله طاف ببابي
يا ليلة القدر التي بلغتها ... ما فيك بعد اليوم من مرتاب
ما كنت أهلاً للنوال وإنما ... فنحات أحمد فوق كل حساب
لما بلغت السؤل ليلة مدحه ... بعث الملوك يعظمون جنابي
بدران بدر في السماء منور ... وأخوه فوق الأرض نور رحابي
هذا (ابن هاني) نال ما قد نلت من ... حسب ندل به على الأحساب
قد كان يسعى للرشيد وبابه ... فسعى الرشيد إليه وهو ببابي
* * *
أما حافظ فقد مثل بحضرة الأمير يوم وصوله وقام في السرادق الفخيم الذي نصبته لجنة الاحتفال في ساحة سراي عابدين فأنشده قصيدته التي سلفت الإشارة إليها. وكان الأمير يصغي إلى منشده بكل انتباه،