تفاصيل خارجية وأحوال عرضية تختلف، لكن الجوهر واحد يكاد لا يمسه تغيير ولا يطرأ عليه تبديل.
ترى مصر تارة خصبة غنية، وطوراً قاحطة فقيرة. تجدها آناً أهراء العالم يقصدها الأجنبي من كل صوب وحدب. وتلفيها آونة خالية خاوية تضيق بمن أظلته سماؤها ورواه ماؤها. فهي الماء القراح يتلون بلون الوعاء الذي يكون فيه، إن صافياً فصافٍ، وإن كدراً فكدر. وهو على تينك الحالتين هو، لم يفقد شيئاً من عذوبته ولذته ونفعه، يروي من قصده، ويبرد غليل من ورده. والسبب في تغيير ظاهره إنما ههو راجع إلى أمور عرضية لا تؤثر في الجوهر.
وهذه التقلبات الطارئة على مصر من رخاء وشدة، وغنى واحتياج، أكبر دليل وأصدق برهان على جودة هذه الربوع وكرمها، إذن حسن تدبير شؤونها، وصلحت إدارة أحوالها.
رقيت مصر في السنين الخالية إلى أوج الغنى: اتسعت ثروتها كل اتساع، وراجت أشغالها أي رواج، حتى جارت في هذا الميدان أغنى بلاد الله قاطبة. وقد استمرت الحالة على هذا المنوال حتى ولدت المضاربات ذلك الإعصار الهائل الذي صير العمار دماراً، والنضار رماداً.
* * *
جاء في الفصل الحادي والأربعين من سفر التكوين: قال فرعون ليوسف: رأيت كأني واقف على شاطئ نهر، وكأن قد صعد منه سبع بقرات سمان الأبدان حسان الصور فرتعت في المرج. وإذا سبع بقرات