والخَلْوةِ بهن، والمباشرةِ لهن؛ زعماً منه أنه يحصُلُ لهن البركةُ بما يفعَلُه معهنَّ، وإن كان محرمًا في الشريعةِ.
وكذلك من يستحلُّ ذلك من المُرْدانِ، ويزعمُ أن التمتعَ بالنظرِ إليهم ومباشرتِهم هو طريقٌ لبعضِ السالكينَ؛ حتى يترَقَّى من محبةِ المخلوقِ إلى محبةِ الخالقِ، ويأمرونَ بمقدماتِ الفاحشةِ الكبرى، وقد يستحِلُّونَ الفاحشةَ الكبرى، كما يستحِلُّها مَن يقولُ: إن اللِّواطَ مباحٌ بمِلْكِ اليمينِ.
فهؤلاءِ كلُّهم كفارٌ باتِّفاقِ أئمَّةِ المسلمِينَ؛ لكنْ مِن الناس من يكونُ جاهلًا ببعضِ ذلك، فلا يُحكَمُ بكفرِه حتى تقومَ عليه الحجةُ؛ {لئلا يكون للناس على الله حجة}، كما لو أسلَمَ رجلٌ ولم يعلَمْ أن الصَّلاةَ واجبةٌ؛ يُعلَّم ذلك قبل الحكم، فإن أصرَّ كفر، بل قد اختلف العلماء فيمن أسلم ولم يعلم أن الصلاة واجبة ثم عَلِم؛ هل يجبُ عليه قضاءُ ما ترَكَه حالَ جَهْلِه؟ على قولَينِ في مذهَبِ أحمدَ وغيرِه:
أحدُهما: لا يجبُ؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ.
والثاني: يجبُ؛ وهو قولُ الشافعيِّ، المشهورُ عند أصحابِه.
بل النِّزاعُ في كلِّ مَن ترَكَ واجبًا قبلَ بلوغِ الحجةِ؛ مثلُ: مَن ترَكَ الصَّلاةَ عندَ عدمِ الماءِ زَعْمًا منه أنها لا تصِحُّ معَ التيَمُّمِ، أو أكَلَ حتى تبيَّنَ له الخيطُ الأبيضُ من الأسودِ، كما جرى للصحابةِ (١)، أو مسَّ
(١) رواه البخاري (١٩١٦)، ومسلم (١٠٩٠)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.