لتعذُّرِ ذلك أو لتعَسُّرِه، وفيه معونةٌ عظيمةٌ لكلِّ ظالمٍ من سارقٍ وناهبٍ.
يوضحُ ذلك: أن الحاكمَ يحكمُ باستصحابِ الحال، باليدِ وبغيرِها من الطرقِ التي تفيدُ غالبَ الظنِّ، والشاهدُ لا يشهدُ إلا بالعلمِ؛ لأن الحاكمَ لا بدَّ له من فصل الخصومة، فيفصِلُها لأقوى الجانبيينِ حجةً.
وإذا حضره الموتُ، وليس عندَه مسلمٌ؛ فله أن يُشهِدَ مَن حضَرَه من أهلِ الذِّمَّةِ في الوصيةِ، ويُحَلَّفوا إذا شهِدوا، هذا قولُ جمهورِ السَّلَفِ، وهو قولٌ للإمامِ أحمدَ وأبي عُبَيدٍ، وعليه يدلُّ القرآنُ والسُّنَّةُ، وهذا مبنيٌّ على أصلٍ؛ وهو أن الشهادةَ عندَ الحاجةِ تُجُوِّزَ فيها مثلُ شهادةِ النساءِ فيما لا يطَّلعُ عليه الرجالُ.
وشهادةُ الفاسقِ مردودةٌ بنصِّ القرآنِ واتفاقِ المسلمِينَ، وقد يُجيزُ بعضُهم قبول شهادة الأمثلِ فالأمثلِ من الفساقِ عندَ الضرورةِ؛ إذا لم يوجَدْ عدولٌ ونحوُ ذلك.
وأما قبولُ شهادةِ الفاسقِ؛ فهذا لم يقُلْه أحدٌ من المسلمِينَ.
كذا هو؛ وظاهره التناقض إلا أن يكون في النسخة غلط، أو يكون المراد أن شهادة الفاسق لم يَقلْ أحدٌ بقبولها مطلقًا، النفيُ ضدُّ الإطلاقِ (١).
(١) من قوله: (كذا هو) إلى هنا، غير موجود في النسخ الخطية والمطبوع، وهو مثبت في الأصل، وهو تعليقٌ من البعلي على كلام شيخ الإسلام رحمهما الله.