للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

خَارِجَ حُدُودِ الْحَرَمِ … وَهُمْ يَسُوقُونَ أَمَامَهُمْ أَسِيرَهُمُ الْمُكَبَّلَ (١) بِالْقُيُودِ لِيَقْتُلُوهُ هُنَاكَ عَلَى مَلَإٍ مِنَ النَّاسِ … وَكَانَ عَلَى رَأْسِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ جَمِيعًا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ.

* * *

أُعِدَّ زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِلْقَتْلِ، وَرُفِعَ عَلَى نَشَزٍ (٢) مِنَ الْأَرْضِ لِيَشْهَدَ مَصْرَعَهُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ.

فَاسْتَقْبَلَ الْمَوْتَ بِجَنَانٍ ثَبْتٍ، وَوَجْهِ طَلْقٍ، وَهُنَا تَقَدَّمَ مِنْهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَقَالَ:

أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا زَيْدُ؛ أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ فِي مَكَانِكَ هَذَا، وَأَنْ تُضْرَبَ عُنْقُهُ بَدَلًا مِنْكَ، وَأَنْ نُخَلِّيَ سَبِيلَكَ فَتَمْضِيَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا إِلَى أَهْلِكَ؟.

فَابْتَسَمَ زَيْدٌ وَقَالَ:

وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ أَنْ تُصِيبَ مُحَمَّدًا شَوْكَةٌ فَتُؤْذِيَهُ وَهْوَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَأَنْ تُخَلُّوا سَبِيلِي لِقَاءَ ذَلِكَ وَأَجِدَنِي آمِنًا مُطْمَئِنًّا بَيْنَ أَهْلِي …

فَاشْتَدَّ غَضَبُ النَّاسِ لِقَوْلِهِ، وَعَلَا صِيَاحُهُمْ:

أَنِ اقْتُلُوهُ … اقْتُلُوهُ …

أَمَّا أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ:

وَاللَّهِ! مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يُحِبُّ أَحَدًا؛ كَمَا يُحِبُّ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا.

ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَدَقُّوا عُنُقَهُ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ نَبِيَّهُ وَصَفِيَّهُ


(١) الْمُكَبَّل: الْمُقَيَّد.
(٢) نشز من الأرض: مرتفع من الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>