للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؛ لَا تَتَنَافَسُوا عَلَى هَذَيْنِ الْأَسِيرَيْنِ وَتُغَالُوا فِي ثَمَنَيْهِمَا؛ وَإِنَّمَا اتْرُكُوهُمَا لِمَنْ كَانَ لَهُ ثَأْرٌ عِنْدَهُمَا؛ فَهْوَ أَوْلَى بِهِمَا مِنْ سِوَاهُ، وَأَجْدَرُ بِأَخْذِهِمَا مِنْ غَيْرِهِ.

* * *

اشْتَرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَّةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ غَالٍ؛ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ (١).

وَاشْتَرَى أَوْلَادُ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ خُبَيْبًا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ؛ لِيَقْتُلُوهُ بِأَبِيهِمُ الَّذِي أَرْدَاهُ قَتِيلًا فِي بَدْرٍ، وَدَفَعُوا بِهِ لِلْهُذَلِيِّينَ ثَمَنًا فَاحِشًا.

* * *

لَمْ يَصْبِرْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ طَوِيلًا عَلَى أَسِيرِهِ؛ لِمَا كَانَ يَتَّقِدُ بَيْنَ جَوَانِحِهِ مِنْ كُرْهٍ لِمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ فَعَجَّلَ بِهِ لِيَرْوِيَ ظَمَأَ قُرَيْشٍ إِلَى الثَّأْرِ مِنَ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ فِي شَخْصِهِ، وَلِيُقِرَّ عُيُونَ قَوْمِهِ بِمَشْهَدِ قَتْلِهِ.

وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَقْتُلَهُ فِي مِنْطَقَةِ التَّنْعِيمِ (٢)، وَيَرْمِيَ بِجُثَّتِهِ هُنَاكَ لِتَعْبَثَ بِهَا الْكِلَابُ السَّارِحَةُ، وَتَشْبَعَ مِنْهَا الطُّيُورُ الْجَارِحَةُ.

وَحَدَّدَ لِذَلِكَ مَوْعِدًا، وَأَذَاعَهُ فِي مَكَّةَ.

* * *

لَمْ يَكَدْ صَبَاحُ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ يَتَنَفَّسُ فِي بَطْحَاءِ مَكَّةَ؛ حَتَّى كَانَ الْمَوْتُورُونَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَالْحَاقِدُونَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَدَعْوَتِهِ، وَالْغَوْغَاءُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ يَزْحَفُونَ جَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ نَحْوَ مِنْطَقَةِ التَّنْعِيمِ؛


(١) أمية بن خلف: أحد جبابرة قريش؛ كان يعذب بلالًا ؛ قُتِل في بدر وهو على الشرك.
(٢) التنعيم: مكان كان في أطراف مكة وقتها، وهو مكان إحرام أهل مكة للحج والعمرة؛ يسمى الآن مسجد عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>