للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأَمَّا جُوعُنَا الَّذِي ذَكَرْتَهُ؛ فَلَمْ يَكُنْ يُشْبِهُهُ جُوعٌ … فَقَدْ كُنَّا نَأْكُلُ الْخَنَافِسَ وَالْجِعْلَانَ وَالْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتِ، وَنَرَى ذَلِكَ طَعَامًا مُسْتَسَاغًا (١).

وَأَمَّا مَنَازِلُنَا؛ فَإِنَّمَا هِيَ ظَهْرُ الْأَرْضِ، وَلَا نَلْبَسُ إِلَّا مَا غَزَلْنَا مِنْ أَوْبَارِ الْإِبِلِ وَأَشْعَارِ الْغَنَمِ.

كَانَ دِينُنَا أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَأَنْ يَبْغِيَ (٢) بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ … وَقَدْ كَانَ الْوَاحِدُ مِنَا يَدْفِنُ ابْنَتَهُ وَهْيَ حَيَّةٌ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ.

وَكُنَّا نَعْبُدُ الْحِجَارَةَ؛ فَإِذَا رَأَيْنَا حَجَرًا أَحْسَنَ مِنَ الَّذِي نَعْبُدُهُ؛ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ.

لَقَدْ كَانَتْ حَالُنَا قَبْلَ الْيَوْمِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَجُلًا مِنَّا مَعْرُوفًا لَدَيْنَا …

فَأَرْضُهُ خَيْرُ أَرْضِنَا، وَحَسَبُهُ خَيْرُ حَسَبِنَا، وَبَيْتُهُ خَيْرُ بُيُوتِنَا، وَهْوَ نَفْسُهُ أَصْدَقُنَا وَأَحْلَمُنَا …

فَدَعَانَا إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَالَ وَقُلْنَا، وَصَدَّقَ وَكَذَّبْنَا، وَزَادَ وَنَقَصْنَا …

فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا؛ إِلَّا وَكَانَ …

فَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا التَّصْدِيقَ لَهُ وَاتِّبَاعَهُ؛ فَصَارَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَبِّ الْعَالَمِينَ …

فَمَا قَالَ لَنَا؛ فَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ … وَمَا أَمَرَنَا بِهِ؛ فَهْوَ أَمْرُ اللَّهِ.


(١) مستسَاغًا: مقبولًا.
(٢) يبغي: يعتدي ويظلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>