للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَنَحْنُ تَطِيبُ أَنْفُسُنَا بِأَنْ نُعْطِيَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ دِينَارَيْنِ، وَلِأَمِيرِكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ، وَلِخَلِيفَتِكُمْ أَلْفَ دِينَارٍ، وَتَنْصَرِفُوا عَنَّا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ.

* * *

فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ:

إِنَّ مَا تُخَوِّفُنَا بِهِ مِنْ كَثْرَةِ الرُّومِ؛ لَا يَصُدُّنَا عَنْ غَايَتِنَا، وَإِنَّنَا مُوقِنُونَ بِأَنَّنَا سَنَفُوزُ بِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ: فَإِنْ ظَفِرْنَا بِكُمْ عَظُمَتْ لَنَا غَنِيمَةُ الدُّنْيَا، وَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِنَا عَظُمَتْ لَنَا غَنِيمَةُ الْآخِرَةِ …

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ؛ إِلَّا وَهْوَ يَدْعُو اللَّهَ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ وَأَلَّا يَرُدُّهُ إِلَى أَهْلِهِ خَائِبًا … وَقَدِ اسْتَوْدَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عِنْدَ اللَّهِ.

ثُمَّ عَرَضَ عَلَى الْمُقَوْقَسِ: الْإِسْلَامَ، أَوِ الْجِزْيَةَ (١)، أَوِ الْقِتَالَ.

فَأَبَى قَوْمُ الْمُقَوْقَسِ الْإِسْلَامَ، وَأَنِفُوا (٢) مِنْ دَفْعِ الْجِزْيَةِ …

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقِتَالُ.

* * *

عِنْدَ ذَلِكَ؛ عَزَمَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اقْتِحَامِ الْحِصْنِ مَهْمَا كَانَ الثَّمَنُ غَالِيًا …

فَقَامَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَقَالَ: إِنِّي أَهَبُ (٣) نَفْسِي لِلَّهِ ﷿، وَأَخَذَ سُلَّمًا عَالِيَّا لِيَرْقَى بِهِ عَلَى جِدَارِ الْحِصْنِ، وَطَلَبَ مِنْ جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَبِّرُوا وَرَاءَهُ


(١) الْجِزْيَة: ما يدفعه أهل الذمة مقابل حمايتهم.
(٢) أَنِفُوا: استكبروا.
(٣) أَهَب نَفْسِي: أي أبيعها بيع سماح، وكأنها صدقة أتقرب بها إلى الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>