للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَالُوا: هَذَا أَمِيرُنَا، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيْنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِأَلَّا نَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَأَلَّا نُخَالِفَ لَهُ أَمْرًا.

فَقَالَ الْمُقَوْقَسُ لِعُبَادَةَ: تَقَدَّمْ إِلَيَّ أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَكَلِّمْنِي بِرِفْقٍ؛ فَإِنِّي أَهَابُ (١) مَنْظَرَكَ.

فَقَالَ لَهُ عُبَادَةُ: أَرَاكَ خِفْتَنِي؛ فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتَ أَصْحَابِي … وَفِيهِمْ أَلْفُ رَجُلٍ كُلُّهُمْ أَشَدُّ مِنِّي قُوَّةً وَهَوْلًا.

فَقَالَ لَهُ الْمُقَوْقَسُ:

مَا الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ؟! وَمَا الَّذِي تُرِيدُونَهُ مِنَّا؟.

فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ:

إِنَّا وَاللَّهِ! مَا خَرَجْنَا؛ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ﷿.

وَقَدْ عَهِدَ (٢) إِلَيْنَا نَبِيُّنَا أَلَّا تَكُونَ بُغْيَةُ (٣) أَحَدِنَا مِنَ الدُّنْيَا؛ إِلَّا مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ، وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ؛ لِأَنَّ نَعِيمَ الدُّنْيَا لَيْسَ بِنَعِيمٍ … وَإِنَّمَا النَّعِيمُ نَعِيمُ الْآخِرَةِ.

فَقَالَ لَهُ الْمُقَوْقَسُ:

قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ، وَلَعَمْرِي مَا بَلَغْتُمُ الَّذِي بَلَغْتُمُوهُ إِلَّا بِمَا ذَكَرْتَ، وَمَا انْتَصَرْتُمْ عَلَى الَّذِينَ انْتَصَرْتُمْ عَلَيْهِمْ إِلَّا لِحُبِّهِمُ الدُّنْيَا وَكُرْهِكُمْ لَهَا …

غَيْرَ أَنَّ الرُّومَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَنْ تَقْوَوْا عَلَيْهِمْ؛ لِقِلَّتِكُمْ وَضِيقِ ذَاتِ يَدِكُمْ (٤).


(١) أَهَابُ: أَخاف وأخشى.
(٢) عَهِد إِلَيْنَا: أوصانا، وأخذ علينا العهد.
(٣) البُغْيَة: الطلب والرغبة.
(٤) ضِيق ذَات يَدِكُم: فقركم واحتياجكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>