للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَالَ: وَأَنَا - وَاللَّهِ - أَشْتَهِيهَا أَيْضًا … فَاشْتَرَتْهَا مِنْهُ بِدِينَارٍ، وَأَرْضَتْهُ.

ثُمَّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إِنَّا قَدْ أَرْضَيْنَا السَّائِلَ، وَأَجْزَلْنَا (١) عَطِيَّتَهُ.

فَقَالَ لَهُ: هَلْ أَرْضُوكَ وَرَضِيتَ، وَأَخَذْتَ الثَّمَنَ؟.

فَقَالَ: نَعَمْ.

فَالْتَفَتَ إِلَى أَهْلِهِ وَقَالَ: الْآنَ ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ.

* * *

وَقَدْ عُوتِبَتِ امْرَأَتُهُ فِي أَمْرِ هُزَالِهِ (٢)؛ فَقِيلَ لَهَا:

أَمَا تَرْفُقِينَ بِهَذَا الشَّيْخِ؟!.

فَقَالَتْ: وَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟! ..

وَاللهِ! مَا أَعْدَدْتُ لَهُ طَعَامًا إِلَّا دَعَا إِلَيْهِ مَنْ يَأْكُلُهُ؛ فَأَرْسَلْتُ إِلَى الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَأَطْعَمْتُهُمْ. وَقُلْتُ لَهُمْ: لَا تَجْلِسُوا فِي طَرِيقِهِ …

فَلَمَّا جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ قَالَ: أَرْسِلُوا طَعَامًا إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ؛ فَقُلْتُ: لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ بِمَا تُرِيدُ وَأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُ؛ فَقَالَ:

بَلْ إِنَّكُمْ أَرَدْتُمْ أَلَّا أَتَعَشَّى اللَّيْلَةَ، ثُمَّ نَهَضَ وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا.

* * *

وَلَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ ﷿ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ؛ فَمَا اسْتَحْسَنَتْ نَفْسُهُ شَيْئًا مِنْ مَالٍ أَوْ مَتَاعٍ (٣) إِلَّا وَتَصَدَّقَ بِهِ.


(١) أَجْزَلْنَا عَطِيَّته: أكرمناه وأكثرنا هبته.
(٢) الهزيل: الضعيف الناحل.
(٣) المَتَاع: كُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ عُرُوضِ الدُّنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>