عَلَى الدَّهْرِ ....
مِنْ ذَلِكَ؛ أَنَّ أَحَدَهُمْ بَعَثَ إِلَيْهِ يَقُولُ:
اكْتُبْ لِي - يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - بِالدِّينِ كُلِّهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ:
إِنَّ الْعِلْمَ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ خَمِيصَ (١) الْبَطْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؛ كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ؛ لَازِمًا لِأَمْرِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَافْعَلْ.
* * *
وَقَدْ جَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَأْبَهُ كُلَّهُ فِي إِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَبِرَّ الْمَسَاكِينِ وَالْأَيْتَامِ؛ حَتَّى رُوِيَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ، وَذُكِرَتْ لَهُ فِيهِ آثَارٌ وَفِيرَةٌ.
مِنْ ذَلِكَ؛ أَنَّهُ اشْتَهَى ذَاتَ مَرَّةٍ سَمَكًا؛ فَبَحَثَتِ امْرَأَتُهُ صَفِيَّةُ عَنْ سَمَكَةٍ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَيْهَا، ثُمَّ صَنَعَتْهَا فَأَحْسَنَتْ صُنْعَهَا، ثُمَّ قَرَّبَتْهَا إِلَيْهِ …
فَسَمِعَ نِدَاءَ مِسْكِينٍ عَلَى الْبَابِ؛ فَقَالَ:
ادْفَعُوا السَّمَكَةَ إِلَيْهِ.
فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ أَنْ تُقَوِّي نَفْسَكَ بِشَيْءٍ مِنْهَا.
فَقَالَ: ادْفَعُوهَا إِلَيْهِ.
فَقَالَتْ: نَحْنُ نُرْضِيهِ بَدَلًا مِنْهَا، وَقَالَتْ لِلسَّائِلِ:
إِنَّهُ قَدِ اشْتَهَى هَذِهِ السَّمَكَةَ.
(١) خَمِيصَ الْبَطْن: ضامر البطن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute