ثُمَّ جَعَلَتِ الْأَيَّامُ تَمْضِي سِرَاعًا، وَالْأَحْدَاثُ تَتْرَى تِبَاعًا …
فَإِذَا بِقَوَافِلِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّةَ تَنْزِلُ فِي يَثْرِبَ عَلَى الرَّحْبِ وَالسَّعَةِ؛ فَتَلْقَى بِالْأَهْلِ أَهْلًا وَبِالْإِخْوَانِ إِخْوَانًا …
وَإِذَا بِالْبَشَائِر تَغْمُرُ الْمَدِينَةَ؛ بِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ قَادِمٌ إِلَيْهَا مَعَ صَفِيِّهِ وَخَلِيلِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
فَضَجَّتْ يَثْرِبُ بِالْفَرْحَةِ، وَتَأَلْقَتْ بِالْبَهْجَةِ ....
وَخَرَجَ النَّاسُ زَرَافَاتٍ وَوِحْدَانًا (١) لِاسْتِقْبَالِ نَبِيِّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ ﷺ وَصَاحِبِهِ.
فَازْدَادَ الْيَهُودُ غَمًّا عَلَى غَمٍّ، وَشُحِنَتْ صُدُورُهُمْ حِقْدًا عَلَى حِقْدٍ.
لَكِنَّ زَيْدَ بْنَ سُعْنَةَ كَانَ لَهُ شَأْنٌ آخَرُ …
فَلْتَتْرُكُ لَهُ الْكَلَامَ؛ لِيَرْوِيَ لَنَا قِصَّتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
* * *
قَالَ زَيْدُ بْنُ سُعْنَةَ:
لَقَدْ تَأَمَّلْتُ هَذَا الْقَادِمَ مُحَمَّدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَشَدَّ التَّأَمُّلِ وَأَعْمَقَهُ، وَتَتَبَّعْتُهُ أَدَقَّ التَّتَبُّعِ وَأَقْصَاهُ …
فَلَمْ تَبْقَ لَدَيَّ عَلَامَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ؛ إِلَّا رَأَيْتُهَا فِيهِ وَعَرَفْتُهَا فِي وَجْهِهِ الكَرِيمِ ﷺ؛ بَعْدَ أَنْ تَحَرَّيْتُهُ وَأَطَلْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ؛ إِلَّا اثْنَتَيْنِ؛ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُ …
(١) زَرَافَات ووحدَانًا: جماعات وأفرادًا. والزرافة: العشرة من القوم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute