للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَيَحُضُّ الْيَهُودَ عَلَى اتِّبَاعِهِ، وَيُمَنِّيهِمْ بِالْخَيْرِ إِذَا هُمْ آمَنُوا بِهِ وَنَصَرُوهُ …

وَيُنذِرُهُمْ بِالشَّرِّ إِذَا هُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَخَذَلُوهُ (١).

لَكِنَّ ابْنَ الْهَيَّبَانِ مَا لَبِثَ (٢) كَثِيرًا حَتَّى وَافَاهُ الْأَجَلُ؛ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَقَّقَ حُلُمُهُ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ الْمُنْتَظَرِ، وَالتَّمَلِّي مِنْ دَعْوَتِهِ، وَالْإِيمَانِ بِنُبُوَّتِهِ، وَالْفَوْرُ بِنُصْرَتِهِ.

* * *

لَمْ يَمْضِ غَيْرُ قَلِيلٍ عَلَى وَفَاةِ ابْنِ الْهَيَّبَانِ؛ حَتَّى طَفِقَتِ الْأَخْبَارُ تَتْرَى (٣) عَلَى يَثْرِبَ بِظُهُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَتَزَايُدِ أَتْبَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَصَبْرِهِمْ عَلَى الأَذَى فِي سَبِيلِهِ، وَسَبِيلِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ.

فَهَبَّ زَيْدُ بْنُ سُعْنَةَ يُذَكِّرُ قَوْمَهُ مِنَ الْيَهُودِ؛ بِمَا كَانَ يُحَدِّثُهُمْ بِهِ ابْنُ الْهَيَّبَانِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى تَقَصِيِّ (٤) خَبَرِ هَذَا النَّبِيِّ الَّذِي كَانُوا يَتَبَاشَرُونَ بِظُهُورِهِ، وَيُهَدِّدُونَ بِهِ الْعَرَبَ؛ كُلَّمَا أَلْحَقُوا بِهِمْ أَذًى، أَوْ نَالُوهُمْ بِشَرٍّ.

وَطَفِقَ يَحُضُّهُمْ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ؛ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَهُمْ أَحَدٌ إِلَى هَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ.

لَكِنَّ زَيْدًا لَمْ يَلْقَ مِنْ قَوْمِهِ الْيَهُودِ إِلَّا الْإِعْرَاضَ وَالصَّدَّ (٥)، ثُمَّ بَدَأَ يَشْعُرُ بِنَارِ الْحِقْدِ الَّتِي جَعَلَتْ تَنْهَشُ أَكْبَادَهُمْ حَسَدًا لِهَذَا النَّبِيِّ؛ الَّذِي أَخَذَ نَجْمُهُ يَعْلُو، وَطَفِقَتْ دَعْوَتُهُ تَتَأَلَّقُ (٦)

* * *


(١) خذلوه: أي لم ينصروه.
(٢) ما لبث: ما أبطأ.
(٣) تَتْرَى: تتوافد واحدًا بعد واحد.
(٤) تقصي الْخبر: التحقق منه وتتبعه.
(٥) الصَّدُّ: الإعراض والهجران.
(٦) تتألَّق: تلمع وتبرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>