للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَمَا إِنْ رَأَى الْعَسْكَرَانِ: عَسْكَرُ الْفُرْسِ وَعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ؛ سَنَابِكَ الْخَيْلِ تُثِيرُ الْعَجَاجَ (١)

وَسَمِعَا أَصْوَاتَ التَّكْبِيرَةِ تَهُزُّ الْأَرْجَاءَ هَزًّا …

وَنَظَرَا إِلَى النَّجْدَاتِ تَتَوَالَى كَتِيبَةً إِثْرِ كَتِيبَةٍ؛ حَتَّى دَبَّ الذُّعْرُ فِي نُفُوسِ الْفُرْسِ، وَثَارَتِ الْحَمِيَّةُ فِي صُدُورِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَجَعَلُوا يُهَلِّلُونَ وَيُكَبِّرُونَ بِأَصْوَاتٍ صَدَعَتْ (٢) أَفْئِدَةَ عَدُوِّهِمْ صَدْعًا.

وَمَضَى الْقَعْقَاعُ إِلَى السَّاحَةِ مَعَ أَوَّلِ خَيْطٍ مِنْ خُيُوطِ الصَّبَاحِ بَيْنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ.

وَبَرَزَ إِلَى الْأَعْدَاءِ قَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ الْمَعْرَكَةُ …

وَجَعَلَ يَخْطِرُ (٣) عَلَى جَوَادِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَيَقُولُ:

هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ … هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟.

فَتَوَجَّهَتِ الْعُيُونُ إِلَى مُعَسْكَرِ الْفُرْسِ لِتَرَى مَنْ سَيَبْرُزُ لِلْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو.

* * *

لَمْ تَمْضِ غَيْرُ لَحَظَاتٍ قَلِيلَاتٍ عَلَى حَمَاسَةِ (٤) الْقَعْقَاعِ وَجَرَاءَته؛ حَتَّى خَرَجَ مِنْ صُفُوفِ الْأَعْدَاءِ فَارِسٌ مُدَجَّجٌ بِالسِّلَاحِ وَقَالَ:

أَنَا لَكَ … أَتَدْرِي مَنْ أَنَا؟ …

أَنَا "بَهْمَنُ" ذُو الْحَاجِبِ قَائِدُ جُيُوشِ فَارِسَ يَوْمَ الْجِسْرِ (٥)


(١) الْعَجَاج: مفردها عجاجة وهي السحابة من الغبار.
(٢) صَدَعَت: شَقَّت وفرَّقت.
(٣) يَخْطِر: يمشي متبخترًا.
(٤) حماسة: شجاعة.
(٥) يَوْمَ الْجِسْر: انظر خبره في أَبِي عُبَيْدِ بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>