هَاشِمَ ابْنَ عُتْبَةَ، وَبَلَغُوا مَشَارِفَ الْقَادِسِيَّةِ فَجْرَ الْيَوْمِ التَّالِي مِنْ أَيَّامِ الْمَعْرَكَةِ.
* * *
عَرَفَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ الْقَادِسِيَّةِ كَانَ شَدِيدَ الْبَأْسِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ مَا تَوَافَرَ لِعَدُوِّهِمْ مِنَ الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ …
ثَقِيلَ الْوَطْأَةِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْفِيَلَةِ الَّتِي أَرْهَبَتْ خَيْلَهُمْ، وَزَرَعَتْ فِي قُلُوبِهَا الْخَوْفَ، وَجَعَلَتْهَا تَنْكُصُ (١) عَلَى الْأَعْقَابِ …
وَأَنَّهُمْ يَتَرَقَّبُونَ بِلَهْفَةٍ وُصُولَ الْمَدَدِ إِلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ.
وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو غَيْرُ أَلْفِ فَارِسٍ، وَمَاذَا تُغْنِي الْأَلْفُ أَمَامَ جُيُوشِ فَارِسَ الْجَرَّارَةِ؟!.
وَلَكِنَّ الْقَائِدَ الْمُلْهَمَ؛ جَعَلَ الْأَلْفَ فِي عُيُونِ الْمُسْلِمِينَ وَعُيُونِ أَعْدَائِهِمْ الْمُشْرِكِين أُلُوفًا …
وَإِلَيْكُمْ نَبَأَ ذَلِكَ:
قَسَّمَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو فُرْسَانَهُ الْأَلْفَ إِلَى عَشْرِ فِرَقٍ؛ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ مِائَةُ فَارِس، وَأَمَرَ الْفِرْقَةُ الْأُولَى أَنْ تَنْطَلِقَ فِي اتِّجَاهِ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ تَتَعَمَّدَ إِثَارَةَ الْغُبَارِ مِنْ حَوْلِهَا حَتَّى تَشْحُنَ بِهِ الْجَوَّ شَحْنًا.
ثُمَّ أَمَرَ الْفِرَقَ التِّسْعِ الْأُخْرَى أَنْ تَفْعَلَ فِعْلَ الْأُولَى؛ عَلَى أَلَّا تَنْطَلِقَ أَيُّ فِرْقَةٍ مِنْ مَكَانِهَا؛ إِلَّا إِذَا أَصْبَحَتْ سَابِقَتُهَا بَعِيدَةً عَنْهَا بِمِقْدَارِ مَدِّ الْبَصَرِ.
ثُمَّ انْطَلَقَ عَلَى رَأْسِ الْفِرْقَةِ الْأُولَى مُكَبِّرًا، وَكَانَ صَوْتُهُ بِأَلْفِ فَارِس - كَمَا قَالَ عَنْهُ الصِّدِّيق رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ - وَمَرَّ بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَبَشَّرَهُ بِالْمَدَدِ …
(١) تَنْكُص عَلَى الْأَعْقَاب: ترجع وتحجم عما كانت عليه من أمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute