للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ما لَكَ؟ أَلَمْ تَقْبِضُ عَطَاءَكَ؟!.

قَالَ: بَلَى وَاللهِ، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى الْأَرْضِ كَيْفَ تُوَارِي (١) مِثْلَكَ.

* * *

وَكَانَ سَعِيدٌ؛ يَقُولُ لِابْنِهِ عَمْرٍو:

يَا بُنَيَّ؛ اُبْذُلِ الْمَعْرُوفَ ابْتِدَاءً (٢) مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ …

أَمَّا إِذَا أَتَاكَ الرَّجُلُ تَكَادُ تَرَى دَمَهُ فِي وَجْهِهِ مِنَ الْحَيَاءِ، أَوْ جَاءَكَ مُخَاطِرًا لَا يَدْري أَتُعْطِيهِ أَمْ تُمْسِكُ عَنْهُ …

فَوَاللَّهِ لَوْ خَرَجْتَ (٣) لَهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِكَ مَا كَافَأْتُهُ.

* * *

وَلَمَّا حَضَرَتْ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ؛ جَمَعَ بَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ:

يَا بَنِيَّ؛ لَا يَفْقِدَنَّ أَصْحَابِي بِمَوْتِي غَيْرَ وَجْهِي …

فَصِلُوهُمْ بِمَا كُنْتُ أَصِلُهُمْ بِهِ، وَأَجْرُوا عَلَيْهِمْ مَا كُنْتُ أُجْرِيهِ عَلَيْهِمْ …

وَاكْفُوهُمْ مَؤُونَةَ (٤) الطَّلَبِ …

فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا طَلَبَ الْحَاجَةَ؛ اضْطَرَبَتْ أَرْكَانُهُ، وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُرَدُّ …

فَوَاللَّهِ! لَرَجُلٌ يَتَمَلْمَلُ عَلَى فِرَاشِهِ وَهْوَ يَرَاكُمْ أَهْلًا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ؛ أَعْظَمُ مِنَّةً عَلَيْكُمْ مِمَّا تُعْطُونَهُ.

* * *


(١) تُوَارِي: تبتلع وتُخْفِي، أي يُدْفَنُ فيها.
(٢) ابْتِدَاءً: في بادئ الأمر وأوله.
(٣) خَرَجْتَ لَهُ: تنازلت له، وأعطيته.
(٤) مَؤُونَة الطَّلَب: أي كُلْفَة السؤال ومشقة الانشغال به.

<<  <  ج: ص:  >  >>