للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ اسْمَ "سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ".

وَظَلَّ يُعْرَفُ بِذَلِكَ مَا امْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ.

* * *

غَيْرَ أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَسَالِمٍ لَمْ تَكُنْ عَلَاقَةَ مَوْلًى (١) بِمَوْلَاهُ …

وَإِنَّمَا هِيَ عَلَاقَةُ أَخٍ بِأَخِيهِ بَعْدَ أَنْ وَحْدَ الْإِسْلَامُ بَيْنَ قَلْبَيْهِمَا، وَآخَى الْإِيمَانُ بَيْنَ نَفْسَيْهِمَا …

وَغَمَرَ فُؤَادَيْهِمَا (٢) حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَقَدْ أَرَادَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَنْ يَزِيدَ صِلَتَهُ بِسَالِمٍ رُسُوخًا (٣) وَعُمْقًا، وَأَنْ يَقْضِيَ عَلَى كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِ الْعَصَبِيَّاتِ (٤) الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي وَأَدَهَا الْإِسْلَامُ …

فَزَوَّجَ سَالِمًا مِن ابْنَةِ أَخِيهِ الْقُرَشِيَّةِ "الْعَبْشَمِيَّةِ" (٥) ذَاتِ الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ …

فَأَصْبَحَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ، وَوَاحِدًا مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ …

* * *

لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ طَوِيلُ وَقْتٍ حَتَّى فَرَّقَتْ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ الْأَحْدَاثُ الْجِسَامُ الَّتِي كَابَدَ (٦) مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَوَّلُونَ مَا كَابَدُوا، وَعَانُوا مِنْ قَسْوَتِهَا مَا عَانُوا …

فَمَضَى أَبُو حُذَيْفَةَ إِلَى "الْحَبَشَةِ" مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ بِدِينِهِ وَإِيمَانِهِ، فَارًّا بِعَقِيدَتِهِ مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ …

أَمَّا سَالِمٌ فَقَدْ آثَرَ (٧) أَنْ يَبْقَى فِي مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ


(١) علاقة مَوْلَى بمولاه: علاقة العبد بسيده.
(٢) غمر فؤاديهما: ملأ فؤاديهما.
(٣) رسوخًا: ثباتًا.
(٤) العصبيات: شدة ارتباط المرء بجماعته وانحيازه لها.
(٥) العبشمية: المنسوبة إلَى عبد شمس.
(٦) كَابَدَ: عانى وذاق الآلام.
(٧) آثر: فَضَّلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>