للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى انْبَثَقَ (١) مِنْ بَطْحَاءِ مَكَّةَ قَبَسٌ (٢) مِنَ النُّورِ الْإِلَهِيِّ، وَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِدِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ، فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ وَابْنُهُ سَالِمٌ مِنْ أَوَائِلِ مَنْ أَشْرَقَتْ نُفُوسُهُمْ بِهَذَا الضِّيَاءِ الْقُدْسِيِّ (٣).

وَاسْتَنَارَتْ قُلُوبُهُمْ بِنُورِهِ.

فَمَضَى الْأَبُ وَابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَعْلَنَا إِسْلَامَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ …

وَشَهِدَا معًا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريك له، وأن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وخَاتَمُ رُسُلِهِ.

* * *

لَمْ يَمْضِ غَيْرُ قَلِيلٍ عَلَى دُخُولِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَابْنِهِ سَالِمٍ فِي دِينِ اللَّهِ حَتَّى أَبْطَلَ الْإِسْلَامُ طَرِيقَةَ التَّبَنِّي …

وَأَمَرَ النَّاسَ بِرَدِّ الْأَبْنَاءِ إِلَى آبَائِهِمْ حِفْظًا لِلْأَنْسَابِ، وَإِقْلَاعًا عَنْ مَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِ الْجَاهِلِيَّةِ … وَنَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿ فِي شَأْنِ الْمُتَبَنَّيْنَ:

﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ (٤).

فَاسْتَجَابَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَمْرِ رَبِّهِمْ … وَهَبُّوا يَبْحَثُونَ عَنْ أَنْسَابِ مَنْ تَبَنَّوْهُمْ، وَيَتَعَرَّفُونَ عَلَى آبَائِهِمْ، وَيَرُدُّونَهُمْ إِلَيْهِمْ.

لَكِنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى وَالِدِ سَالِمٍ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ كَثْرَةِ الْبَحْثِ وَالتَّنْقِيبِ، ذَلِكَ لأَنَّ سَالِمًا سُبِيَ (٥) صَغِيرًا، وَجُلِبَ إِلَى مَكةَ، وَبِيعَ فِي سُوقِ النَّخَّاسِينَ (٦) وَهُوَ فِي سِنٍّ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ لِنَفْسِهِ أَبًا أَوْ أُمًّا.


(١) انبثق: انفجر وفاض.
(٢) قبس: شعلة النّار تؤخذ من معظم النّار.
(٣) القدسي: الطَّاهر المبارك.
(٤) سورة الأحزاب: آية ٥.
(٥) سُبي: أُسر واسْتُرق.
(٦) النّخاسون: بائعو العبيد، والمفرد نخاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>