للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى الْبَيْدَرِ فَوَجَدْتُهُ كَمَا هُوَ …

كَأَنَّهُ لَمْ تَنْقُصْ مِنْهُ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ …

* * *

وَمُنْذُ تُوُفِّيَ وَالِدُ جَابِرٍ لَمْ تَفُتْهُ غَزْوَةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَلَقَدْ كَانَتْ لَهُ فِي كُلِّ غَزْوَةٍ حَادِثَةٌ تُرْوَى وَتُحْفَظُ.

فَلْنَتْرُكْ لَهُ الْكَلَامَ لِيَرْوِيَ لَنَا إِحْدَى حَوَادِثِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. قَالَ جَابِرٌ:

كُنَّا يَوْمَ "الْخَنْدَقِ" نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ لَنَا صَخْرَةٌ شَدِيدَةٌ عَجَزْنَا عَنْ تَحْطِيمِهَا، فَجِئْنَا إِلَى الرَّسُولِ وَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَقَدْ وَقَفَتْ فِي سَبِيلِنَا صَخْرَةٌ صَلْدَةٌ، وَلَمْ تَفْعَلْ مَعَاوِلُنَا (١) فِيهَا شَيْئًا.

فَقَالَ : (دَعُوهَا فَإِنِّي نَازِلٌ إِلَيْهَا).

ثُمَّ قَامَ، وَكَانَ بَطْنُهُ مَعْصُوبًا بِحَجَرٍ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ؛ ذَلِكَ لِأَنَّنَا كُنَّا أَمْضَيْنَا أَيَّامًا ثَلَاثَةً لَمْ نَذُقْ خِلَالَهَا طَعَامًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ الْمِعْوَلَ، وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَغَدَتْ كَثِيبًا (٢) مَهِيلًا (٣).

عِنْدَ ذَلِكَ ازْدَادَ أَسَايَ عَلَى مَا أَصَابَ الرَّسُولَ الْأَعْظَمَ مِنَ الْجُوعِ، فَاتَّجَهْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالْمُضِيِّ إِلَى بَيْتِي؟.

فَقَالَ: (امْضِ).

فَلَمَّا بَلَغْتُ الْبَيْتَ قُلْتُ لامْرَأَتِي: لَقَدْ رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ مَرَارَةِ الْجُوعِ مَا لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟.


(١) معاولنا: مفرده معول وهي أداة لحفر الأرض.
(٢) كثيبا: تلًا من الرّمل.
(٣) مهيلًا: ينهال فيتساقط ولا يتماسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>