للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَمْ يَشْهَدْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ "بَدْرًا" وَلَا "أُحُدًا" مَعَ رَسُولِ اللَّهِ … لأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا مِنْ جِهَةٍ … وَلِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَأْمُرُهُ بِالْبَقَاءِ مَعَ أَخَوَاتِهِ التِّسْعِ مِنْ جهَةٍ أُخْرَى؛ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ أَحَدٌ سِوَاهُ يَقُومُ عَلَى أَمْرِهِنَّ.

حَدَّثَ جَابِرٌ قَالَ:

لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي سَبَقَتْ "أُحُدًا" دَعَانِي أَبِي وَقَالَ:

إِنِّي لَا أَرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا مَعَ أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَإِنِّي - وَاللَّهِ - مَا أَدَعُ أَحَدًا أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ .

وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا، فَاقْضِ دَيْنِي …

وَارْحَمْ أَخَوَاتِكَ … وَاسْتَوْصِ بِهِنَّ خَيْرًا.

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلِ قُتِلَ فِي "أُحَدٍ".

فَلَمَّا دَفَنْتُهُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، فَقُلْتُ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي تَرَكَ دَيْنًا عَلَيْهِ …

وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَفِيهِ (١) بِهِ إِلَّا مَا يُخْرِجُهُ ثَمَرُ نَخِيلِهِ، وَلَوْ عَمَدْتُ إِلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ لَمَا أَدَّيْتُهُ فِي سِنِينَ …

وَلَا مَالَ لِأَخَوَاتِي أُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا.

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَمَضَى مَعِي إِلَى بَيْدَرِ (٢) تَمْرِنَا وَقَال لي: (اُدْعُ غُرَمَاءَ (٣) أَبِيكَ)، فَدَعَوْتُهُمْ.

فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ مِنْهُ حَتَّى أَدَّى (٤) اللَّهُ عَنْ أَبِي دَيْنَهُ كُلَّهُ مِنْ تَمْرِ تِلْكَ السنة.


(١) أفيه: أؤديه.
(٢) البيدر: الموضع الذي يُكوم ويجمع فيه التمر.
(٣) غرماء: مفرده غريم: الدائن.
(٤) أدَّى: قضى ما عليه ووفاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>