للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَكَفَ (١) سُهَيْلٌ مُنْذُ أَسْلَمَ عَلَى مَا يُقَرِّبُهُ مِنَ اللَّهِ، وَيَنْفَعُهُ فِي أُخْرَاهُ.

فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْفَتْح؛ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ صَلَاةً، وَلَا صَوْمًا وَلَا صَدَقَةً، وَلَا رِقَّةَ قَلْبٍ، وَلَا كَثْرَةَ بُكَاءٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.

ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ يَمْضِي إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (٢) حَتَّى يُقْرِئَهُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ:

يَا أَبَا زَيْدٍ، إِنَّكَ تَأْتِي هَذَا "الْخَزْرَجِيَّ" لِيُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ؛ أَفَلَا جِئْتَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ؟!!.

فَقَالَ: يَا ضِرَارُ، إِنَّ هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي صَنَعَ بِنَا مَا صَنَعَ حَتَّى سُبِقْنَا إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَإِنَّ الْإِسْلَامَ أَذْهَبَ عَنَا عَصَبِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَرَفَعَ أَقْوَامًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذِكْرٌ … لَيْتَنَا كُنَّا مَعَهُمْ فَتَقَدَّمْنَا كَمَا تَقَدَّمُوا.

* * *

وَقَدْ ظَلَّ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَشْعُرُ بِفَضْلِ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ، وَيُدْرِكُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ فَرْقٍ …

فَقَدْ حَضَرَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى بَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هُوَ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَضَرَ مَعَهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ (٣)، وَصُهَيْبُ الرُّومِيُّ (٤)، وَرِجَالٌ مِنَ الْمَوَالِي مِنْ أَصْحَابِ السَّابِقَةِ فَخَرَجَ آذِنُ عُمَرَ وَقَالَ:

لِيَدْخُلْ عَمَّارٌ، لِيَدْخُلْ صُهَيْبٌ … فَجَعَلَ الْقَوْمُ مِنْ قُرَيْشٍ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، مُغْضَبِينَ، ثُمَّ قَالَ قَائِلُهُمْ:


(١) عكف علَى الأمر: لزمه وواظب عليه.
(٢) مُعاذ بن جَبَل: انظره ص ٤٩٣.
(٣) عَمَّار بن يَاسِر: انظر آل ياسر ص ٥٠١.
(٤) صهيب الرّومي: انظره ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>