للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لِمَا كُنْتُ قَدْ أَسْرَفْتُ فِي تَعْذِيبِهِ عَلَى الْإِسْلَام، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ … قُلْتُ لَهُ: اطلبْ لِي جِوَارًا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَإِنِّي لَا آمَنْ أَنْ أُقْتَلَ … فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى النَّبي وَقَالَ:

أَبِي … أَتُؤَمِّنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟!.

قَالَ: (نَعَمْ … هُوَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ، فَلْيَظْهَرْ)، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ:

(مَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ سُهَيْلًا فَلَا يُسِئْ لِقَاءَهُ فَلَعَمْرِي إِنَّ سُهَيْلًا لَهُ عَقْلٌ وَشَرَفٌ، وَمَا مِثْلُ سُهَيْلٍ يَجْهَلُ الْإِسْلَامَ، وَلَكِنْ قُدِّرَ فَكَانَ).

* * *

أَسْلَمَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بَعْدَ ذَلِكَ إِسْلَامًا مَلَكَ عَلَيْهِ قَلْبَهُ وَلُبَّهُ، وَأَحَبَّ الرَّسُولَ الكَرِيمَ حُبًّا أَحَلَّهُ فِي السَّوَيْدَاءِ (١) مِنْ فُؤَادِهِ.

قَالَ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ:

لَقَدْ نَظَرْتُ إِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله ، وَهُوَ يُقَدِّمُ لَهُ الْبُدْنَ (٢)، وَرَسُولُ اللهِ يَنْحَرُهَا (٣) بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، ثُمَّ دَعَا النَّبِيُّ الْحَلَّاقَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ … فَنَظَرْتُ إِلَى سُهَيْلٍ، وَهُوَ يَلْتَقِطُ الشَّعْرَةَ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ ، وَيَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ …

فَتَذَكَّرْتُ يَوْمَ "الْحُدَيْبِيَّةِ"، وَكَيْفَ أَتَى أَنْ يَكْتُبَ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى أَنْ هَدَاهُ.

* * *


(١) السّويداء: حبة الْقلب.
(٢) البُدْن: جمع بدنة وهي الناقة تقدم للهدْي في الحج والعمرة.
(٣) يَنْحَر: يذبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>