للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَلَمَّا يَئِسُوا مِنْ إِقْنَاعِهِ بِالْحُسْنَى لَجَؤُوا إِلَى تَعْذِيبِهِ وَالتَّنْكِيلِ بِهِ …

حَدَّثَ مَسْعُودُ بْنُ خَرَاشٍ قَالَ:

بَيْنَمَا كُنْتُ أَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (١)، إِذَا أُنَاسٌ كَثِيرٌ يَتْبَعُونَ فَتًى أُوثِقَتْ يَدَاهُ (٢) إِلَى عُنُقِهِ … وَهُمْ يُهَرْوِلُونَ وَرَاءَهُ، وَيَدْفَعُونَهُ فِي ظَهْرِهِ، وَيَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ … وَخَلْفَهُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تَسُبَّهُ وَتَصِيحُ بِهِ …

فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ (٣) هَذَا الْفَتَى؟!.

فَقَالُوا: هَذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، صَبَأَ (٤) عَنْ دِينِهِ، وَتَبِعَ غُلَامَ بَنِي "هَاشِمٍ" … فَقُلْتُ: وَمَنْ هَذِهِ الْعَجُوزُ الَّتِي وَرَاءَهُ؟.

فَقَالُوا: هِيَ الصَّعْبَةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ أُمُّ الْفَتَى …

* * *

ثُمَّ إِنَّ نَوْفَلَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الْمُلَقَّبَ بِأَسَدِ قُرَيْشٍ، قَامَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَوْثَقَهُ فِي حَبْلٍ، وَأَوْثَقَ مَعَهُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَقَرَنَهُمَا مَعًا وَأَسْلَمْهُمَا إِلَى سُفَهَاءِ مَكَّةَ؛ لِيُذِيقُوهُمَا أَشَدَّ الْعَذَابِ ..

لِذَلِكَ دُعِيَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ "بِالْقَرِينَيْنِ".

* * *

ثُمَّ جَعَلَتِ الْأَيَّامُ تَدُورُ، وَالْأَحْدَاثُ تَتَلَاحَقُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَزْدَادُ مَعَ الْأَيَّامِ اكْتِمَالًا، وَبَلَاؤُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَكْبُرُ وَيَتَعَاظَمُ، وَبِرُّهُ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَنْمُو وَيَتَّسِعُ، حَتَّى أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لَقَبَ "الشَّهِيدِ الْحَيِّ"، وَدَعَاهُ الرَّسُولُ : بِطَلْحَةِ الْخَيْرِ، وَطَلْحَةِ الْجُودِ، وَطَلْحَةِ


(١) الصفا والمروة: مشعران من مشاعر الحج يَسْعَى الحجاج والمعتمرون بينهما.
(٢) أَوْثِقَت يداه: كُتِفَت يداه ورُبِطَتا.
(٣) ما شأن هذا الفتى: ما أَمْرُه وخَبَرُه؟.
(٤) صَبأ عن دينه: رَجَعَ عن دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>