للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَكَانَ تَاجِرًا ذَا خُلُقٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَكُنَّا نَأْلْفُهُ، وَنُحِبُّ مَجَالِسَهُ، لِعِلْمِهِ بِأَخْبَارِ قُرَيْشٍ، وَحِفْظِهِ لِأَنْسَابِهَا … فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ:

أَحَقًّا مَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَظْهَرَ النُّبُوَّةَ، وَأَنَّكَ اتَّبَعْتَهُ؟!.

قَالَ: نَعَمْ … وَجَعَلَ يَقُصُّ عَلَيَّ مِنْ خَبَرِهِ، وَيُرَغِّبُنِي فِي الدُّخُولِ مَعَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الرَّاهِبِ، فَدَهِشَ لَهُ وَقَالَ:

هَلُمَّ (١) مَعِي إِلَى مُحَمَّدٍ لِتَقُصَّ عَلَيْهِ خَبَرَكَ، وَلِتَسْمَعَ مَا يَقُولُ … وَلِتَدْخُلَ فِي دِينِ الله … قَالَ طَلْحَةُ:

فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَعَرَضَ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، وَقَرَأَ عَلَيَّ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَبَشَّرَنِي بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ رَاهِبِ "بُصْرَى"؛ فَسُرَّ بِهَا سُرُورًا بَدَا عَلَى وَجْهِهِ …

ثُمَّ أَعْلَنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ … فكُنْتُ رَابِعَ ثَلَاثَةٍ أَسْلَمُوا عَلَى يَدَيَّ أَبِي بَكْرٍ.

* * *

وَقَعَ إِسْلَامُ الْفَتَى الْقُرَشِيِّ عَلَى أَهْلِهِ وَذَوِيهِ وُقُوعَ الصَّاعِقَةِ.

وَكَانَ أَشَدَّهُمْ جَزَعًا (٢) لإِسْلَامِه أُمُّهُ؛ فَقَدْ كَانَتْ تَرْجُو أَنْ يَسُودَ قَوْمَهُ لِمَا يَتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ وَجَلِيلِ الْخَصَائِلِ …

* * *

وَقَدْ بَادَرَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ لِيَثْنُوهُ عَنْ دِينِهِ؛ فَوَجَدُوهُ كَالطَّوْدِ (٣) الرَّاسِخِ الَّذِي لَا يَتَزَعْزَعُ.


(١) هلُمَّ معي: امض معي.
(٢) جَزَعًا: حُزْنًا وهَلَعًا.
(٣) الطُّود: الْجَبَل العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>