للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَ "الْأَبْنَاءُ" اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ آبَاؤُهُمْ مِنَ "الْفُرْسِ" الَّذِينَ نَزَحُوا مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى "الْيَمَنِ"، وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ.

وَقَدْ كَانَ كَبِيرُهُمْ "بَاذَانُ" (١) عِنْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ مَلِكًا عَلَى "الْيَمَنِ" مِنْ قِبَلِ" كِسْرَى" عَظِيمِ الْفُرْسِ، فَلَمَّا اسْتَبَانَ لَهُ صِدْقُ الرَّسُولِ وَسُمُوُّ دَعْوَتِهِ؛ خَلَعَ طَاعَةَ "كِسْرَى"، وَدَخَلَ هُوَ وَقَوْمُهُ فِي دِينِ اللَّهِ، فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ عَلَى مُلْكِهِ، وَظَلَّ فِيهِ إِلَى أَنْ مَاتَ قُبَيْلَ ظُهُورِ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ بِزَمَنِ يَسِيرٍ.

* * *

وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ لِدَعْوَةِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ قَوْمُهُ بَنُو "مَذْحِجِ" (٢)، فَوَثَبَ بِهِمْ عَلَى "صَنْعَاءَ"، وَقَتَلَ وَالِيَهَا "شَهْرَ بْنَ بَاذَانَ"، وَتَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَتِهِ "آذَادَ".

ثُمَّ وَثَبَ مِنْ "صَنْعَاءَ" عَلَى الْمَنَاطِقِ الْأُخْرَى، فَجَعَلَتْ تَتَهَاوَى تَحْتَ ضَرَبَاتِهِ بِسُرْعَةٍ مُذْهِلَةٍ حَتَّى دَانَتْ لَهُ الْبِلَادُ الْوَاقِعَةُ مَا بَيْنَ حَضْرَمَوْتَ إِلَى الطَّائِفِ، وَمَا بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ وَالْأَحْسَاءِ إِلَى عَدَنَ …

* * *

وَكَانَ مِمَّا سَاعَدَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ عَلَى خِدَاعِ النَّاسِ وَاسْتِمَالَتِهِمْ إِلَيْهِ؛ دَهَاؤُهُ الَّذِي لَا حُدُودَ لَهُ، فَقَدْ زَعَمَ لِأَتْبَاعِهِ أَنَّ لَهُ مَلَكًا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ وَيُنَبِّئُهُ بِالْمُغَيَّبَاتِ …

وَكَانَ يُؤَكِّدُ هَذَا الزَّعْمَ بِعُيُونِهِ (٣) الَّذِينَ بَثَّهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لِيَقِفُوا لَهُ عَلَى أَخْبَارِ النَّاسِ، وَيَنْفُذُوا إِلَى أَسْرَارِهِمْ، وَيَتَعَرَّفُوا إِلَى مُشْكِلَاتِهِمْ وَيَكْشِفُوا


(١) انظر خبر إسلامه في عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيّ: ص ٣٧.
(٢) كَانَتْ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَكْثَرِ قَبَائِلِ "الْيَمَنِ"، عَدَدًا، وَأَوْسَعِهَا نُفُوذَا، وَأَشَدِّهَا بَأْسًا.
(٣) العيون: الجواسيسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>