للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إِلَيْهَا سَيّدًا فَاتِحًا تَحْفُّ بِهِ الْأُلُوفُ الْمُؤَلَّفَةُ مِنْ بِيضِ السُّيُوفِ وَسُمْرِ الرِّمَاحِ …

وَإِذَا بِزُعَمَاءِ قُرَيْشِ الَّذِينَ مَلَأُوا الْأَرْضَ عُنْجُهِيَّةً وَغَطْرَسَةً (١) يُقْبِلُونَ عَلَيْهِ خَائِفِينَ وَاجِفِينَ؛ يَسْأَلُونَهُ الرَّأْفَةَ وَيَقُولُونَ: مَاذَا عَسَاكَ تَصْنَعُ بِنَا؟!.

فَيَقُولُ لَهُمْ فِي سَمَاحَةِ الْأَنْبِيَاءِ: (اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ)

عِنْدَ ذَلِكَ أَعَدَّ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ رَاحِلَتَهُ، وَمَضَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لِيُعْلِنَ إِسْلَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ وَمَعَهُ الْعَهْدُ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ قَبْلَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ.

قَالَ سُرَاقَةُ:

لَقَدْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ "بِالْجِعْرَانَةِ" (٢)، فَدَخَلْتُ فِي كَتِيبَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَعَلُوا يَقْرَعُونَنِي (٣) بِكُعُوبِ (٤) الرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ:

إِلَيْكَ، إِلَيْكَ (٥)، مَاذَا تُرِيدُ؟! … فَمَا زِلْتُ أَشُقُّ صُفُوفَهُمْ حَتَّى غَدَوْتُ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللهِ ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ فَرَفَعْتُ يَدِي بِالْكِتَابِ وَقُلْتُ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ …

أَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ … وَهَذَا كِتَابُكَ لي …

فَقَالَ الرَّسُولُ :

(أُدْنُ مِنِّي يَا سُرَاقَةٌ أُدْنُ … هَذَا يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ).

فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَأَعْلَنْتُ إِسْلَامِي بَيْنَ يَدَيْهِ.

وَنِلْتُ مِنْ خَيْرِهِ وَبِرِّهِ …

* * *


(١) عُنْجُهِيَّةً وغطْرَسَةً: تكبرًا وتجبُّرًا وتطاولا.
(٢) الجِعرانة: مكان بين مَكَّة والطَّائف، وهُوَ إِلَى مَكَّة أقرب.
(٣) يقرعونني: يضربونني.
(٤) كعب الرّمح: مؤخّرَتُه.
(٥) إِليك إليك: ابْتَعِدْ، ابْتَعِدْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>