للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إِذَا أَتَيْتُكَ فِي مُلْكِكَ أَنْ تُكْرِمَنِي، وَاكْتُبْ لِي بِذَلِكَ …

فَأَمَرَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصِّدِّيقَ فَكَتَبَ لَهُ عَلَى لَوْحٍ مِنْ عَظْمٍ، وَدَفَعَهُ إِلَيْهِ … وَلَمَّا هَمَّ بِالِانْصِرَافِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ :

(وَكَيْفَ بِكَ يَا سُرَاقَةُ إِذَا لَبِسْتَ سِوَارَيْ كِسْرَى؟!).

فَقَالَ سُرَاقَةُ فِي دَهْشَةٍ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ؟!.

فَقَالَ : (نَعَمْ … كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ).

* * *

عَادَ سُرَاقَةُ أَدْرَاجَهُ، فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ أَقْبَلُوا يَنْشُدُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ: ارْجِعُوا، فَقَدْ نَفَضْتُ الْأَرْضَ نَفْضًا (١) بَحْثًا عَنْهُ …

وَأَنْتُمْ لَا تَجْهَلُونَ مَبْلَغَ بَصَرِي بِالْأَثَرِ (٢)، فَرَجَعُوا.

ثم كَتَم خَبَرَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِهِ حَتَّى أَيْقَنَ أَنَّهُمَا بَلَغَا الْمَدِينَةَ وَأَصْبَحَا فِي مَأْمَنٍ مِنْ عُدْوَانِ قُرَيْشٍ، عِنْدَ ذَلِكَ أَذَاعَهُ … فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ بِخَبَرِ سُرَاقَةَ مَعَ النَّبِيِّ وَمَوْقِفِهِ مِنْهُ؛ لَامَهُ عَلَى تَخَاذُلِهِ وَجُبْنِهِ وتَفْوِيتِهِ الْفُرْصَةَ … فَقَالَ سُرَاقَةُ يُجِيبُهُ عَلَى مَلَامَتِهِ:

أبا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا … لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسُوحُ قَوَائِمُهْ

عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا … رَسُولٌ بِبُرْهَانٍ، فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهُ؟!

* * *

دَارَتِ الْأَيَّامُ دَوْرَتَهَا …

فَإِذَا بِمُحَمَّدٍ الَّذِي خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ طَرِيدًا شَرِيدًا مُسْتَتِرًا بِجُنْحِ الظَّلَامِ يَعُودُ


(١) نَفَضْتُ الْأَرْضِ نَفْضًا: نظرت فيها شبرًا شبرًا.
(٢) بَصري بالأثر: معرفتي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>