للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مَا خَبَرٌ سَمِعْتُهُ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ (١) تَبِعَ مُحَمَّدًا؟! ..

وَأَنَّهُ اجْتَرَأَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ؛ فَشَجَّ رَأْسَهُ، وَأَسَالَ دَمَهُ، لِأَنَّهُ نَهَاهُ عَنِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ آلِهَتِنَا … ثُمَّ قَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى (٢) إِنْ ظَلَلْتُمْ عَلَى تَهَاوُنِكُمْ هَذَا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُدَارَاةٌ لِبَنِي "هَاشِمٍ" لَأَنْهَضَنَّ لَهُ وَحْدِي …

ولأمنعنَّ إله ابْن أبي كبشة (٣) أَنْ يُعْبد فِي مَكَّةَ …

ثُمَّ عَادَ فِي مِثْلِ الْمَوْكِبِ الَّذِي جَاءَ بِهِ؛ فَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ غَيْرُ ابْنِهِ خَالِدٍ.

* * *

لَقَدْ ظَلَّ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فِي الْحَرَمِ يَتَنَقَّلُ بَيْنَ مَجَالِسِ الْقَوْمِ لِيَتَنَسَّمَ (٤) أَخْبَارَ مُحَمَّدٍ، وَيَتَسَمَّعَ لِمَا يُقَالُ عَنْ دَعْوَتِهِ.

فَلَمْ يَجِدْ فِي كُلِّ مَا سَمِعَهُ عَنِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَا يُبَرِّرُ ذَلِكَ الْحِقْدَ الَّذِي رَآهُ مِنْ أَبِيهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ … أَوْ مَا يُسَوِّغُ تِلْكَ الضَّغِينَةَ (٥) الَّتِي كَانَتْ تَتَنَزَّى فِي نَفْسِهِ وَنُفُوسِ سَادَةِ قُرَيْشٍ.

* * *

وَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّيْلُ عَادَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى دَارَتِهِمْ، وَمَضَى إِلَى مَخْدَعِهِ دُونَ أَنْ يَمُرَّ بِحُجْرَةِ أَبِيهِ لِيُلْقِيَ عَلَيْهِ تَحِيَّةَ الْمَسَاءِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ …

ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ الْوَثِيرِ (٦) يُرِيدُ النَّوْمَ.

لَكِنَّ النَّوْمَ لَمْ يُوَاتِ (٧) خَالِدًا وَلَمْ تَكْتَحِلْ بِهِ عَيْنَاهُ؛ فَقَدِ اسْتَبَدَّ بِهِ أَرَقٌ أَطَارَ الرُّقَادَ مِنْ عَيْنَيْهِ.


(١) سَعْد بن أبي وقاص: انظره ص ٢٨١.
(٢) اللاَّت والعُزَّى: صنمان كانا يعبدان في الجاهلية … انظر هدم الأصنام في كتاب "حدث في رمضان" للمؤلف.
(٣) أَبو كَبْشَةَ: هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي زوج حَلِيمَة السَّعِدِيَّة أمّ الرَّسُول من الرضاعة.
(٤) يتنسم الأخبار: يتبع الأخبار شيئًا فشيئًا.
(٥) الضَّغِينَةَ: الحقد والكره.
(٦) الفراش الْوَثِيرِ: اللّين المريح.
(٧) لم يُواتِ: لم يأت.

<<  <  ج: ص:  >  >>