للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَمَرَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ وَسُقِيَ سُمًّا …

وَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَأُعِدَّتْ وَقُدِّمَتْ لَهُ؛ فَامْتَطَى مَتْنَهَا (١)

وَيَمَّمَ وَجَهَهُ شَطْرَ الْمَدِينَةِ، وَمِلْءُ بُرْدَيْهِ الضَّعِينَةُ (٢) وَالشَّرُّ.

بَلَغَ عُمَيْرٌ الْمَدِينَةَ وَمَضَى نَحْوَ الْمَسْجِدِ يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ ، فَلَمَّا غَدَا قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَنَزَلَ عَنْهَا.

* * *

كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذْ ذَاكَ - جَالِسًا مَعَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، يَتَذَاكَرُونَ "بَدْرًا وَمَا خَلَّفَتْهُ وَرَاءَهَا مِنْ أَسْرَى قُرَيْشٍ وَقَتْلَاهُمْ، وَيَسْتَعِيدُونَ صُوَرَ بُطُولَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّصْرِ، وَمَا أَرَاهُمْ فِي عَدُوِّهِمْ مِنَ النِّكَايَةِ (٣) وَالْخِذْلانِ … فَحَانَتْ مِنْ عُمَرَ الْتِفَاتَةٌ؛ فَرَأَى عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ يَنْزِلُ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَيَمْضِي نَحْوَ الْمَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا (٤) سَيْفَهُ، فَهَبَّ مَذْعُورًا وَقَالَ:

هَذَا الْكَلْبُ عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ … وَاللَّهِ مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ، لَقَدْ أَلَّبَ (٥) الْمُشْرِكِينَ عَلَيْنَا فِي مَكَّةَ، وَكَانَ عَيْنًا (٦) لَهُمْ عَلَيْنَا قُبَيْلَ "بَدْرٍ" …

ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: امْضُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ، وَكُونُوا حَوْلَهُ، وَاحْذَرُوا أَنْ يَغْدُرَ بهِ هَذَا الْخَبِيثُ الْمَاكِرُ.

ثُمَّ بَادَرَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ، وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا يُرِيدُ شَرًّا.

فَقَالَ : (أَدْخِلْهُ عَلَيَّ).


(١) امتطى متنها: ركب ظَهْرَها.
(٢) الضّغينة: الحقد والكره.
(٣) النّكاية: القهر والإصابة بالقَتْل والجَرْح.
(٤) متوشِّحًا سيفه: متقلدًا سيفَه.
(٥) ألب: أثار.
(٦) عينًا: جاسوسًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>