للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَأَجْهَشَ (١) عُمَرُ بِالْبُكَاءِ وَقَالَ:

مَا صَدَقَنِي أَحَدٌ مُنْذُ اسْتُخْلِفْتُ كَمَا صَدَقْتَنِي، فَمَنْ أَنْتَ؟!.

فَقَالَ: الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ الحَارِثِيُّ.

فَقَالَ عُمَرُ: أَخُو "الْمُهَاجِرِ بْنِ زِيَادٍ"؟.

فَقَالَ الرَّبِيعُ: نَعَمْ.

فَلَمَّا انْفَضَّ الْمَجْلِسُ دَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَقَالَ:

تَحَرَّ (٢) أَمْرَ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ، فَإِنْ يَكُ صَادِقًا فَإِنَّ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا، وَعَوْنًا لَنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ … وَاسْتَعْمِلْهُ وَاكْتُبْ لِي بِخَبَرِهِ.

* * *

لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ غَيْرُ قَلِيلٍ حَتَّى أَعَدَّ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ جَيْشًا لِفَتْح "مَنَاذِرَ" مِنْ أَرْضِ "الْأَهْوَازِ" بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْخَلِيفَةِ، وَجَعَلَ فِي الْجَيْشِ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ وَأَخَاهُ "الْمُهَاجِرَ".

* * *

حَاصَرَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ "مَنَاذِرَ" وَخَاضَ مَعَ أَهْلِهَا مَعَارِكَ طَاحِنَةٌ قَلَّمَا شَهِدَتْ لَهَا الْحُرُوبُ نَظِيرًا.

فَقَدْ أَبْدَى الْمُشْرِكُونَ مِنْ شِدَّةِ الْبَأْسِ وَقُوَّةِ الشَّكِيمَةِ (٣) مَا لَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالٍ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ كَثرَةً فَاقَتْ كُلَّ تَقْدِيرِ.

وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلُونَ وَهُمْ صَائِمُونَ رَمَضَانَ.

فَلَمَّا رَأَى "الْمُهَاجِرُ" أَخُو الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الْقَتْلَ قَدْ كَثُرَ فِي صُفُوفِ


(١) أجهش بالبكاء: بكى بصوت عالٍ.
(٢) تَحَرَّ أمر الرّبيع: تَعَرَّف عَلَى أحواله.
(٣) قوة الشّكيمة: شِدَّة الصَّبْرِ وقوَّة الْجَلَد.

<<  <  ج: ص:  >  >>